لكن أصحاب هذا القول لا يمكنهم أن يطردوا في هذا. هلا قالوا مثل ذلك في قوله تعالى:
(إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة)
والتقدير: إنه من يفعل إشراكا بالله فقد حرم الله عليه الجنة.
لأن الفعل المضارع له مدلولان: الزمن والمصدر، والمصدر في الأصل يكون نكرة، والنكرة هنا صارت في سياق الشرط فتعُمُّ! إذن، فمرتكب الشرك الأصغر مأواه النار والجنة عليه حرام!!؟
ومثله يقال في (ومن يشرك بالله قكأنما خر من السماء ... ) الآية.
والصواب أن المراد بآيتي النساء الشرك الأكبر دون الأصغر، وذلك لثلاثة براهين:
1. الشرك إذا أطلق في الكتاب والسنة فالمراد به الأكبر إلا لقرينة.
2. سياق الآيتين يدل على أن المراد به الشرك الأكبر
أما الآية الأولى في النساء برقم: 48 فقبلها قوله تعالى: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا ... )
وتتمتها: (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما)
وأما الآية الثانية فقبلها قوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى .... )
وتتمتها: (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا. إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا .... )
فبالتأمل في السياق والسباق واللحاق يتضح أن المراد هو الشرك الأكبر والله أعلم
3. أن عامة السلف والمفسرين فسروا الآيتين بالشرك الأكبر.
قال ابن عمر: «كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا عن نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقول: (إن الله عز وجل يقول: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وقال: «إني أخرت دعوتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة» قال: (فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا ونطقنا به ورجونا)
وفي رواية: "كُنَّا لا نَشُكُّ فِيمَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْنَا هَذِهِ الآيَةُ: " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " فَلَمَّا سَمِعْنَاهَا كَفَفْنَا عَنِ الشَّهَادَةِ وَأَرْجَيْنَا الأُمُورَ إِلَى اللَّهِ".
الظاهر من قول ابن عمر أن الصحابة فهموا أن الآية أدخلت كل المسلمين تحت المشيئة فأرجَو أمر جميع المسلمين - ومنهم من قد وقع في الشرك الأصغر - إلى الله، ورجوا لهم المغفرة.
وأصرح منه قول ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة عنه:
قال: (("وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار" فأنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، فحرّم الله تعالى المغفرة على من مات وهو كافر، وأرجأ أهل التوحيد إلى مشيئته، فلم يؤيسهم من المغفرة.))
ففهم ابن عباس أن المراد بالذين لا يُغفر لهم هم الكفار أي المشركون الشرك الأكبر.
هذا، وقد فصل القول فيه شيخنا أحمد بن عمر الحازمي - حفظه الله - في الدرس الثامن عشر والتاسع عشر من شرح كتاب التوحيد.
تجدونه على هذا الرابط:
? http://www.alhazmy.net/articles.aspx?article_no=505
ـ[احمد صفوت سلام]ــــــــ[12 - 04 - 09, 03:21 ص]ـ
يعني هل اذا انسان مسلم قال: بذمتك او والنبي دون ان يقصد شيئا يكون قد اشرك شرك اصغر؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[أنس الرشيد]ــــــــ[12 - 04 - 09, 10:05 م]ـ
جزاكم الله خيرا ً جميعا ً ...
يتبع ...
ـ[أبو وائل غندر]ــــــــ[13 - 04 - 09, 02:04 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة القيمة أخي أبا إسحاق وزادك الله من واسع فضله، فائدة قيمة والله.
نعم أخي أحمد إذا كان الحلف بغير الله يجري على اللسان من غير قصد التعظيم للمحلوف به يكون من قبيل الشرك الأصغر كمن تعوّد على ذلك فيزل به لسانه وهو لم يقصد عقد اليمين، ومع ذلك لا ينبغي الاستخفاف به لكونه شركا أصغر، فالشرك ولو كان أصغر فهو أكبر من الكبائر على الصحيح، لأنه يتعلّق بحق الربّ جل وعلا ولا حظ للنفس فيه من شهوة أو غيره،فهو من الظلم الذي يمارسه العبد في حق الرب، ينزع حق الرب ليصرفه لعبد مخلوق ضعيف، ولكن إذا اعتقد عظمة المحلوف به صار شركا أكبر لأنه ساوى الخالق بالمخلوق وصرف حق الرب للعبد لا لفظا كما في الحلف الذي يجري على اللسان فقط لكن لفظا واعتقادا.
قال بعض أهل العلم وقد يصل الحالف إلى درجة يُجزم فيها بكفره وشركه الأكبر بالله العظيم وهو أنه قد يجرأ فيحلف بالله كاذبا، ويخشى أن يحلف بولي من الأولياء كاذبا وخوفا منه فمثل هذا لايشك في كفره نسأل الله العافية، والواجب على العبد أن يخلص قلبه ولسانه لله ربّ العالمين حتى يرتقي في سلّم الموحدين فهو مرتقى صعب يظن كثير من الناس أنه سهل، أسأل الله لي ولك ولسائر المسلمين من واسع فضله
ـ[احمد صفوت سلام]ــــــــ[13 - 04 - 09, 02:48 ص]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة القيمة أخي أبا إسحاق وزادك الله من واسع فضله، فائدة قيمة والله.
نعم أخي أحمد إذا كان الحلف بغير الله يجري على اللسان من غير قصد التعظيم للمحلوف به يكون من قبيل الشرك الأصغر كمن تعوّد على ذلك فيزل به لسانه وهو لم يقصد عقد اليمين، ومع ذلك لا ينبغي الاستخفاف به لكونه شركا أصغر، فالشرك ولو كان أصغر فهو أكبر من الكبائر على الصحيح، لأنه يتعلّق بحق الربّ جل وعلا ولا حظ للنفس فيه من شهوة أو غيره،فهو من الظلم الذي يمارسه العبد في حق الرب، ينزع حق الرب ليصرفه لعبد مخلوق ضعيف، ولكن إذا اعتقد عظمة المحلوف به صار شركا أكبر لأنه ساوى الخالق بالمخلوق وصرف حق الرب للعبد لا لفظا كما في الحلف الذي يجري على اللسان فقط لكن لفظا واعتقادا.
قال بعض أهل العلم وقد يصل الحالف إلى درجة يُجزم فيها بكفره وشركه الأكبر بالله العظيم وهو أنه قد يجرأ فيحلف بالله كاذبا، ويخشى أن يحلف بولي من الأولياء كاذبا وخوفا منه فمثل هذا لايشك في كفره نسأل الله العافية، والواجب على العبد أن يخلص قلبه ولسانه لله ربّ العالمين حتى يرتقي في سلّم الموحدين فهو مرتقى صعب يظن كثير من الناس أنه سهل، أسأل الله لي ولك ولسائر المسلمين من واسع فضله
جزاك الله خيرا اي ابو وائل غندر -
¥