فالمقصود: أن الطعن في الأنساب، وذم الأنساب هذا من صفات الجاهلية، ومع الأسف تجد من الناس في هذا العصر من يتبارون في ذم نسب بعضهم لبعض، وينظمون القصائد في ذلك، وكل واحد يذم الآخر في نسبه، ويفخر بنسبه هو، وهذا كله من صفات الجاهلية، التي حذر منها النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو كما حذر من الفخر بالأنساب والأحساب، ممن قد يكونوا من جَثَى جهنم، فإنه أيضاً حذر من الطعن في أنساب الغير.
والله -عز وجل- يقول: ? إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ ? [الحجرات: 13]، قال الله -عز وجل-: ? يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ? [الحجرات: 13]، ما قال: لتفاخروا، أو لتطاعنوا في أنسابكم، وإنما قال ? لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ ? [الحجرات: 13].
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر في هذا الحديث، أن هذه الصفة صفة جاهلية، وأنها من أخلاق الجاهلية، وإن كان هذا لا يوجب كفر صاحبها، أو فسقه، ولكنه هذا دليل على ذمه وتحريمه والنهي عنه.
14 - تقول: هل يدخل الإعلان عن أمر الخسوف والكسوف في التنجيم، وما حكم ذلك والتصديق به؟.
هذا سؤال جيد الحقيقة وتنبيه طيب، وهو أن الكسوف أو الخسوف قد يُعرف بالحساب، ونحن لا ننكر أن هناك حساب لحركات الأفلاك ونحو ذلك، ولكن هذه الحسابات ليست قطعية، بمعنى: أن الحُسَّاب قد يخطئون؛ ولذلك تجد أن الحُسَّاب أنفسهم يختلفون، فنحن لا ننكر، وقد يعلمون أنه سيكون هناك كسوف في الوقت الفلاني في البلد الفلاني، وهذا ليس من الغيب، بل هذا علم يتعلم، ولكنه ليس قطعياً؛ ولذلك نحن لا نبني الأحكام الشرعية على الحسابات، فمثلاً لا نصوم بناءً على الحساب، فلو كان هناك غيم، ولم نرى الهلال فنحن لا نصوم بناءً على قول الحساب، كذلك لو قال الحساب: سيكون هناك كسوف أو خسوف وحال بيننا وبين الشمس غيم ولم نرى، فنحن لا نصلي الكسوف إذا لما نراها، بناءً على قول الحساب؛ لأن كلام الحساب ليس قطعياً، نحن لا ننكره مطلقاً ولا ننفيه، بل نقول: قد يصدق، وهذا علم معروف ولكنه ليس قطعياً، ولا تبنى الأحكام عليه، بل كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نحن أمة أمية لا نحسب) إلى آخر الحديث.
15 - يقول: في هذه الأيام شحت السماء فيقوم بعض الأشخاص بذبح عجل وتوزيع لحمه، بغية سقوط المطر، فهل أكل لحمه جائز؟ وأيضاً عن فعل هذا؟.
هذا مما يفعله بعض الناس في بعض البلاد، فهذا بدعة، نحن نقول: إن ذبح الذبائح والتصدق بها مطلقاً جائز، وفيه أجر، لكن التخصيص بوقت معين، أو لسبب معين، لا يكون إلا بدليل، وهذا ما يسميه العلماء بالبدعة الإضافية، والتي يتنازع فيها كثير من الناس ويقولون: كيف هذا؟ عمل مشروع، وأنتم تقولون بدعة؟! البدعة هي: تخصيص شيء بزمن معين، أو عدد معين، أو مكان معين، أو حياة معينة، وإن كان العمل أصله مشروعًا، لكن الابتداع جاء من تخصيصه، فهؤلاء إذا كانوا يجعلون أن ذبح عجل معين بصفة معينة في مكان معين، هو الذي يستجلب الغيث، نقول: هذا لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن صحابته، وإنما ورد عنهم صلاة الاستسقاء والدعاء، أو الدعاء في يوم الجمعة، هذا هو الوارد في السنة والله أعلم.
ـ[أم حنان]ــــــــ[10 - 05 - 09, 04:49 م]ـ
16 - إذن دعوى المحبة تحتاج إلى دليل وبرهان، كل يدعي أنه يحب، فلابد من أن يقيم برهاناً ودليلاً على محبته، وهذا حتى بين الناس قد يدعي الشخص أنه يحب آخر، ولكن تبقى هذه دعوى حتى يبرهن عليها بأفعاله وتصرفاته، ونحو ذلك، مما يستدل به على حقيقة ما يقول، وإلا أصبحت دعوى كاذبة، إن لم تبرهن بالأفعال فإنها تكون دعوى كاذبة، فالله - عز وجل- بيَّن علامة صدق هذه الدعوى بأنها اتباع ما جاء به النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ? قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ?.
إذن من يدعي أنه يحب الله -سبحانه وتعالى- وهو معرض عن اتباع شرعه، فنقول: هذه دعوى تحتاج إلى دليل، ودليلها الاتباع، ومن لم يتبع فإنه مدعي في محبته.
¥