تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما إذا كان التأويل ليس له أي وجه وإنما هو لا يعد تأويلاً في الحقيقة وإنما يعد تحريفاً، لأنه فرق بين التأويل الذي له وجه وإن كان تأويلا فاسداً وبين التحريف الذي ليس له أي مسوغ وليس له أي وجه في اللغة مثل تأويلات الباطنية وغيرهم من الفرق الباطنية الضالة على اختلاف أنواعها، فإن تأويلهم كفر لأن تأويلهم في الحقيقة مسخ للشريعة، تبديل للشريعة دون أي دليل، فيقولون مثلاً الصلوات الخمس هي حفظ خمسة أسماء، الصيام هو الإمساك وليس الإمساك عن الطعام والشراب يقولون الصيام هو الإمساك عن إفشاء أسرارنا، والزكاة هي دفع شيء لأئمتنا، الحج هو زيارة مشاهدنا ونحو ذلك، أو يحرفون تحريفاً لا يدل عليه أي دليل ولا أثر ولا نظر، فهذه كلها تحريفات مسخ للشريعة.

36 - المقصود أن على طالب العلم وعلى الداعية أن يعرف كيف يحدث الناس، وأن يحدثهم بما يحتاجون إليه وبما يدركونه وبما يفهمونه، لا أن يخبط خبط عشواء كما يفعل بعض الناس، يعني يأتي ويطرح مسائل قد تكون عويصة وقد تكون غريبة وأحياناً تكون مسائل شاذة من أقوال بعض العلماء، ويطرحها في المجالس ويتلقفها أهل الأهواء وأهل القلوب الضعيفة، وأهل الجهل فتكون لبعضهم فتنة.

فعلي -رضي الله عنه- وجه بهذا التوجيه أن يحدث الناس بما يعرفون، قال «أتريدون أن يكذب الله ورسوله» لأن الشخص إذا كان جاهلاً أو ضعيف الفهم أو نحو ذلك أو ضعيف الإيمان قد يسارع للتكذيب بما لا يتحمله عقله.

37 - نعم، هذا الباب الثاني الذي ذكره المصنف -رحمه الله تعالى- وفيه كلام عن قوله -سبحانه وتعالى-: ? يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ? وهذه الآية في الحقيقة توجب إضافة النعم إلى مسديها، إضافة النعم إلى الله -سبحانه وتعالى- والواجب على المسلم أن يضيف النعم إلى الله -عز وجل- لأنه هو الفاعل في الحقيقة، وأراد المصنف -رحمه الله تعالى- بيان أن إضافة النعم إلى غير الله باعتبار أن الغير هو الفاعل من دون الله فهذا شرك، وأن إضافة النعم إلى السبب فإن هذا في الحقيقة ينافي كمال التوحيد وينافي شكر المنعم -سبحانه وتعالى- لأنه هو الذي أسدى هذه النعمة، وهو الذي تفضل بها -سبحانه وتعالى- فكيف ينكر الشخص نعمة الله في نسبتها إلى غيره ويتناسى أن الله -عز وجل- هو الذي أنعم بهذه النعمة على هذا العبد؟! ولولا الله -عز وجل- لم تحصل هذه النعمة.

وقد يسلب الله -عز وجل- السبب سببيته، يعني: هذا الشيء قد يكون هو السبب لهذا الشيء، ولكن الله -عز وجل- هو الذي خلق السبب وهو الذي جعل المسبب ولو شاء -سبحانه- لسلبه كما سلب النار حرارتها لما أُلقِي فيها إبراهيم -عليه السلام- النار سبب للإحراق ولكن الله -عز وجل- هو الذي جعلها سبباً فسلب النار حرارتها، وقد يجعل الله -عز وجل- لهذا السبب معارضاً، يعني مثلاً البذر حينما يأتي المزارع ويحرث ويبذر هذا سبب للإنبات لكن هذا السبب ليس مستقلاً، يعني يحتاج إلى أسباب أخرى تساعد في الإنبات، ليس مجرد وضع البذرة في التراب انتهى الأمر وستخرج، لا، لابد أن توجد هناك أشياء كثيرة تساعد وهناك أسباب كثيرة حتى يوجد هذا الشيء ولابد أيضاً من إبعاد المعارض، يعني: هناك أشياء قد تعارض السبب وقد تبطل السبب، يعني مثلاً في الحرث هذه قد تأتي جراثيم أو نحو ذلك فتبطل البذر فلا يخرج فهذا سبب، لكن أيضاً قد يوجد معارض، فوجود المعارض أيضاً هذا مما يجعل الإنسان لا يتعلق بالسبب، المعارض قد يقاوم.

وقد يترتب على السبب أيضاً ضد مقتضاه، يعني قد يوجد السبب والإنسان يعتقد أن هذا السبب سيحصل به شيء ثم يحصل عكس ما أراد، فهذه الأمور تجعل الشخص يراجع حساباته، ما ينسب الفعل إلى السبب، وينسى الله -عز وجل- هذا السبب هو جزء هناك أسباب كثيرة ظاهرة وأسباب كثيرة خفية لا تعلمها أنت أيها العبد، فلا يجوز أن تجعل كل ما حصل لك هو في هذا السبب، وتنسى المسبب الحقيقي وهو الله -سبحانه وتعالى-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير