وأما إذا طلب العلم الدنيوي للدنيا فهذا لا حرج عليه في ذلك، إنما نحن نتكلم عمن يطلب العلم الشرعي لأجل الدنيا، ويعرف الإنسان أنه يطلب للدنيا أو أن الدنيا ليست هي أصل بأن يفترض أنه لو حصلت له الدنيا التي ستحصل له بعد أن ينهي دراسته، فبدون الدراسة لو فرضنا أنه ستحصل له هذه الدنيا بدون دراسة هذا العلم الشرعي هل سيدرس أم لا؟ إن كان سيترك طلب العلم الشرعي فنقول هنا: إذن أنت جعلت العلم الشرعي مطية وليس لك توجه ولا رغبة في العلم أصلاً، وجعلت الدين وسيلة لأجل الدنيا.
أما لو كان هو يريد العلم الشرعي حتى لو حصلت له وظيفة بدون طلب العلم الشرعي هو يقول: لا أنا أريد أن أدرس العلم الشرعي ولرغبتي فيه، فهنا دليل على أنه ليست الدنيا هي المحركة لهذا الشخص في الطلب.
سؤال:قد ينقطع الإنسان عن طلب العلم مثلاً حينما يتخرج من كلية الشريعة أو كلية شرعية مثلاً ويحصل على وظيفة معينة ينقطع عن طلب العلم مع أن طلب العلم مستمر في حياة الإنسان، هل نقول: إن هذا ينطبق على هذا الشخص؟
هذا يختلف طلب العلم إذا انقطع زهداً فيه وتركا للعلم، وانتهى مطلوبه من العلم بالتخرج فهذا يدل على أن في نيته دخن، أما إذا بدأ يدرس أو انشغل بالتدريس ونحو ذلك وليس زهدا في العلم وليس لأنه مطية فقط لغرض فهذا لا يدخله الوعيد, وإنما نحن نتكلم عمن جعل العلم الشرعي مطية للدنيا هذا لا يجوز، كما قال بعض السلف: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. فالذي يحفظ القرآن ويحفظ الأحاديث والتفسير وليس له هم في هذا العلم إلا أنه سيوصله إلى وظيفة، ولو حصلت له الوظيفة بدون العلم ترك العلم الشرعي، هذا خطير لاشك أنه خطير في نية الشخص، كيف يجعل الدين مطية للدنيا؟ مثل الإنسان الذي يصلي من أجل الوظيفة، أو يقرأ القرآن لأجل الوظيفة، أو نحو ذلك من العبادات فالعلم الشرعي عبادة، العلم الشرعي هو عبادة يتعبد الإنسان بها لله -سبحانه وتعالى- ويتقرب إلى الله -عز وجل- أما العلم الدنيوي فلو طلبه الإنسان للدنيا فلا حرج عليه في ذلك، فهذا الشخص الذي يطب العلم الشرعي من خلال الدراسة نقول: عليك أن تصحح نيتك وأن تستمر، أيضاً طلب الشهادة قد تكون أيضاً هي وسيلة وقد تكون غاية، قد يطلب العلم الشرعي لأجل أن يحصل على الشهادة ولأجل أن يبلغ هذا العلم الشرعي بعد تخرجه، يعني يعرف أنه لن يمكن من تعليم العلم الشرعي إلا بهذه الشهادة فتكون الشهادة أيضاً وسيلة لأمر دنيوي، ليست هي غاية في ذاتها، ليست وسيلة لأجل الوظيفة التي يحصل منها على المرتب فقط، وإنما يريد أن يكتب لأجل أن يتعلمه أولاً ثم يستطيع أن يعلم وينشر العلم الشرعي، والله أعلم.
ـ[أم حنان]ــــــــ[12 - 06 - 09, 12:36 ص]ـ
سؤال:هل يجوز أن ينسبه إلى الله وشخص آخر غيره مثلاً لولا الله ثم الحارس في البيت؟
نعم، ما يقرن بينهما بالواو التي تقتضي التنديد والتسوية، فلا يقول: لولا الله والحارس، أو لولا الله وكليبة أو نحو ذلك، ولذلك قال ابن عباس هنا: (لا تجعل فيها فلانا) أكمل الأشياء أن تقول: لولا الله -سبحانه وتعالى- وإن أردت أن تذكر هذه الأسباب فتقول: لولا الله -سبحانه وتعالى- سخر لنا هذا، لولا الله -سبحانه وتعالى- وفق بأن مثلاً نبح الكلب أو صاح البط أو تنبه الحارس أو نحو ذلك حتى يكون الإنسان قلبه معلقا بالله -سبحانه وتعالى- يتذكر نعم الله -عز وجل- وحفظ الله، كم من أناس عملوا جميع أنواع الحفظ بالبشرية والمادية وغيرها ومع ذلك ما استطاعوا أن يحفظوا أنفسهم، أتتهم المصائب من كل مكان، فالإنسان مأمور أن يعمل الأسباب، لكنه منهي أن يتعلق بالأسباب أو ينسب الحفظ ونعم الله -عز وجل- ينسبها إلى هذه الأسباب؛ لأن هذا فيه تنديد للرحمن -سبحانه وتعالى-.
سؤال:المعذرة يا شيخ، طيب يا شيخ حسن نية الإنسان هل تدخله أيضاً في الشرك الخفي؟ قد يقول إنسان: أنا أقول هذا اللفظ ولكن نيتي حسنة وقصدي أن الله هو الحافظ الأول، هل يُحتج بذلك يا شيخ؟.
هو المسلم لا ينكر أن الله هو الحافظ -سبحانه وتعالى- لا ينكر هذا، ولو أنكره لكان كافراً، ولكن هذا تشريك في الألفاظ، ولذلك عُدَّ من الشرك الأصغر في الألفاظ، حتى في الحلف بغير الله وحتى في أشياء كثيرة يقول الإنسان: إن هذه تجري على لساني وأنا ما أقصده نعم.
السائل:أو اعتاد الناس عليها مثلا.
نعم، أو اعتادوا عليها، لكن يجب أن نحن أيضاً نصحح ألفاظنا، ولأن هذه الألفاظ في الواقع لابد أن يكون لها تأثير على العقيدة، وهي في الحقيقة ترجمة لما في القلب، ولو كان الإنسان قلبه حياً ومرتبطاً بالله -سبحانه وتعالى- لم يغفل عنه وينسب الحفظ أو غيره إلى هذه الحيوانات، أو حتى إلى الناس، يعني بعض الناس مثلاً يقول: لولا فلان لخسرنا، لولا فلان لربحنا، ونحو ذلك من الأشياء التي فيها نسيان نعمة الله -سبحانه وتعالى- أو حفظ الله -عز وجل-.
¥