ذكر ابن القيم في كتاب «اجتماع الجيوش الإسلامية» عنه أنه صرح بالفوقية بالذات فقال: وهو على عرشه بوجود ذاته. قال ابن القيم: هذا لفظه وهو إمام في السنة. ثم ذكر ابن القيم عنه أنه قال: إنه مستو بذاته على عرشه بلا كيف كما أخبر عن نفسه , قال: وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى: ? سبِّح اسم ربِّك الأعلى ? وأن لله علو الغلبة , والعلو العلى من سائر وجوه العلو , لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل , فنثبت بذلك أن لله علو الذات وعلو الصفات وعلو القهر والغلبة. وجماهير المسلمين وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى الله جل ثناؤه من جهة الفوق في الدعاء والسؤال. فاتفاقهم بأجمعهم على الإشارة إلى الله سبحانه من جهة الفوق حجة. ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق. انتهى.
وقد تقدم في كلام إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي مثل ما ذكره الزنجاني من الإجماع على الإشارة إلى الله تعالى من جهة الفوق , وأنه لم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل , ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق. وفي هذا أبلغ رد على من زعم أن معية الله لخلقه معية ذاتية. ولو كان الأمر على ما زعمه من قال على الله بغير علم لكان يجوز أن يشار إلى الله تعالى من سائر الجهات. وهذا خلاف إجماع المسلمين.
قول الشيخ الموفق أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي:
قد ذكرت فيما تقدم أنه نقل إجماع السلف على أن الله تعالى فوق العرش , وذكرت أيضاً كلامه في كتابه «إثبات صفة العلو» وما ذكر فيه من إجماع جميع العلماء من الصحابة والأئمة من الفقهاء على إثبات صفة العلو لله تعالى , وأن الأخبار قد تواترت في ذلك على وجه حصل به اليقين. فليراجع كلامه في ذلك. الله سبحانه وتعالى وليراجع أيضاً ما ذكره مما جعله الله مغروزاً في طبائع الخلق عند نزول الكرب من لحظ السماء بالأعين , ورفع الأيدي للدعاء نحوها. وانتظار مجيء الفرج من الله تعالى , وأنه لا ينكر ذلك إلا مبتدع غالٍ في بدعته , أو مفتون بتقليده على ضلالته.
قول أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي مؤلف التفسير الكبير المسمى ب «الجامع لأحكام القرآن»:
قال في كتابه المسمى ب «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى» وقد كان الصدر الأول لا ينفون الجهة بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى , كما نطق كتابه وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم , ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على العرش حقيقة , ثم ذكر كلام أبي بكر الحضرمي في رسالته التي سماها ب «الإيماء إلى مسألة الاستواء» وحكايته عن القاضي عبد الوهاب أنه استواء الذات على العرش وذكر أن ذلك قول القاضي أبي بكر بن الطيب الأشعري كبير الطائفة , وأن القاضي عبد الوهاب نقله عنه نصاً وأنه قول الأشعري وابن فورك في بعض كتبه , وقول الخطابي وغيره من الفقهاء والمحدثين.
قال القرطبي: وهو قول أبي عمر بن عبد البر والطلمنكي وغيرهم من الأندلسيين , ثم قال بعد أن حكى أربعة عشر قولاً: وأظهر الأقوال ما تظاهرت عليه الآي والأخبار , وقال جميع الفضلاء الأخيار: إن الله على عرشه كما أخبر في كتابه وعلى لسان نبيه بلا كيف بائن من جميع خلقه , هذا مذهب السلف الصالح فيما نقل عنهم الثقات. انتهى. وقد نقله ابن القيم في كتاب «اجتماع الجيوش الإسلامية» وأقره.
قول شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية:
قال في بعض فتاويه: والرب سبحانه فوق سمواته على عرشه , بائن من خلقه ليس في مخلوقاته شيء من ذاته , ولا في ذاته شيء من مخلوقاته. انتهى. وهو في صفحة 406 من الجزء الأول من مجموع الفتاوى المطبوع في القاهرة في سنة 1326 ه.
¥