تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيجاب عنه: بأنه غير صحيح، لأن سياق الآيات في بيان قصة أهل الكهف، وأنه وصل الحال بمن اطلع عليهم أن قالوا ابنوا عليهم مسجداً، وليس فيه إقرار لهم على هذا العمل، بل دلت السنة على تحريم اتخاذ المساجد على القبور كما جاء عن عائشة رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في مرضه الذي مات فيه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجداً»، متفق عليه بل في الآية إشارة إلى أن اتخاذ المساجد على القبور هو قول «الذين غلبوا على أمرهم»، وليس هو قول منصوص ولا مأثور، بل هو قبول أهل الغلبة من الملوك ونحوهم ممن قولهم وفعلهم ليس بحجة «راجع للاستزادة في تفسير الآية، تفسير ابن كثير وتيسير الكريم الرحمن للسعدي».

ثانياً: ما نقله الكاتب عن الإمام أحمد «أنه سئل عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا، يريد بذلك التقرب إلى الله عز وجل؟ فقال الإمام أحمد: (لا بأس بذلك).

فيجاب عنه بما يأتي:

أولاً: أن بعض أصحاب أحمد بن حنبل استبعدوا ذلك، ويؤيده أن هناك روايتين عن الإمام أحمد نفسه تخالف ما نقله الكاتب عنه، وذلك أن الأثرم قال: قلت لأبي عبدالله- يعني الإمام أحمد-: قبر النبي صلى الله عليه وسلم يمس ويتمسح به؟ فقال أي الإمام أحمد ما أعرف هذا.

وقيل للإمام أحمد: رأيت من أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون ويقومون ناحية فيسلمون. قال أبو عبدالله- أي الإمام أحمد-: نعم وهكذا كان ابن عمر رضي الله عنهما يفعل: (انظر هاتين الروايتين في كتاب: «المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلي 215/ 1 المغني 468/ 5».

وهاتان الروايتان تدلان على ان الامام احمد لا يرى مشروعية مس قبر النبي صلى الله عليه وسلم والتمسح به.

اضف الى ذلك ما قطع وجزم به ائمة المذهب الحنبلي، واكتفى بنقلين اثنين عن امامين من ائمة الحنابلة المشهورين:

الاول: قال ابن قدامة في المغني 468/ 5: «ولا يستحب التمسح بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله، قال احمد: ما اعرف هذا».

الثاني: قال المرداوي في الانصاف مطبوع مع المقنع والشرح الكبير 277/ 9: «لا يستحب تمسحه بقبره عليه افضل الصلاة والسلام على الصحيح من المذهب».

ثانيا: على فرض صحة ما نقله الكاتب عن الامام احمد، فيجاب عنه بما يأتي:

-1 ان اهل السنة والجماعة لا يعتقدون عصمة الائمة والعلماء بل يرونهم بشرا يصيبون ويخطؤون، كما يرون ان الواجب على اتباع الائمة والعلماء أن يأخذوا منهم ما وافقوا فيه الحق، وان يتركوا ما خالفوا فيه الحق، مع احترامهم لعلمائهم وائمتهم واحسان ظنهم بهم وانهم يتحرون ويجتهدون في الوصول الى الحق الا انهم قد يصيبون وقد يخطئون.

ومن هؤلاء العلماء والائمة الامام احمدبن حنبل رحمه الله، فنقول: ان صح هذا النقل عنه، فهو مردود - مع احترامنا لهذا الامام واجلالنا له، لأن العبادات في شريعتنا توقيفية، فأي عبادة او قربة لم يدل عليها الكتاب والسنة، فهي بدعة محرمة.

-2 ان غاية ما تدل عليه هذه الرواية عن أحمد مشروعية مس قبر النبي صلى الله عليه وسلم. اما تعدية مشروعية المسح إلى غير قبره عليه الصلاة والسلام، فلا تدل هذه الرواية عليه، اذ ان السؤال الذي وجه له عن قبره عليه الصلاة والسلام.

ثالثا: ما نقله العيني عن الإمام أحمد: «انه غسل قميصا للشافعي، وشرب الماء الذي غسله به».

فيجاب عنها: ان العيني رحمه الله لم يذكر لها سندا، ولا زمام لها، ولا خطام، فهي من الحكايات المكذوبة على الإمام أحمد، كما نبه على ذلك الشيخ ابوبكر الجزائري المدرس بالمسجد النبوي الشريف في كتابه (وجاءوا يركضون صفحة 67)، والدكتور علي العلياني في كتابه (التبرك المشروع والتبرك الممنوع صفحة: 91 - 87).

ومما يؤكد كذب هذه القصة ما نقله ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه (الحكم الجديرة بالاذاعة صفحة 54): «من ان رجلا جاء إلى الإمام احمد فمسح يده على ثيابه ومسح بهما وجهه، فغضب الإمام أحمد وانكر ذلك اشد الانكار وقال: عمن اخذتم هذا الامر». فلو كان ما نقله الكاتب عن الإمام أحمد صحيحا، لما غضب وانكر أشد الانكار على هذا الرجل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير