وأخيرا فإني أدعو إلى تحري الامانة والنقد العلمي، والنظر في السند والمتن، ثم بعد ذلك يتم النقل والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
تاريخ النشر 01/ 06/2009
http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?tabid=164&article_id=511805&AuthorID=6101
ـ[خالد العازمي]ــــــــ[15 - 06 - 09, 01:01 ص]ـ
«الإمام أحمد بن حنبل والتبرك بالقبور!»
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فقد اطلعتُ على ما كتبه «علي المتروك» في صحيفة الوطن «زيارة القبور بين الإباحة والتحريم»! في (29/جمادى الأولى) الموافق (24/ 5/2009)، وتطرق فيها إلى مسائل ما كان ينبغي له الخوض فيها، وهي قد حُسِمت منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بنصوص الشرع المبارك.
لكنه أراد بها ما أراد، والذي يهمنا في المقال ما نسبه للإمام أحمد من أنه لم يرى بأساً في تقبيل القبر ومسه كما جاء ذلك في كتاب «العلل ومعرفة الرجال» لعبد الله بن أحمد رحمه الله. وقد ذكر الكاتب أنَّ ما نُقِل عن أحمد يبطل ما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية من إجماع العلماء على تحريم التقبيل والتبرك بالقبر مما عده مغمزاً في شيخ الإسلام رحمه الله وحكايته للإجماع!!.
والجواب عن نقله عن الإمام أحمد من وجوه:
الأول: أن الثابت عن الإمام أحمد يخالف هذا الكلام غاية المخالفة وما عُرِفَ عنه في هذا الباب، فقد نقل أبو بكر الأثرم -وهو مِن أَجَلِّ أصحاب الإمام أحمد- ما يلي مما فيه أكبر دليل على تحريم الإمام أحمد -مس القبر-: قال: قلتُ لأبي عبد الله «أحمد»: قبر النبي صلى الله عليه وسلم يلمس ويُتَمَسَّحُ به؟ فقال: ما أعرف هذا». وقلتُ له: رأيتُ أهل العلم من أهل المدينة لا يمسونه قبر النبي؟ ويقومون ناحية فيسلمون. قال أبو عبد الله: وهكذا كان ابن عمر يفعل ثم قال أبو عبد الله بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم».
[نقل هذه الرواية عن إمامنا المبجل: شيخ الإسلام ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/ 726) الرشد الرياض ط 3، 1413ه)، و «الرد على الإخنائي» (305، 412) ط الخراز ط 1، 1420ه)، والإمام ابن عبد الهادي الحنبلي (ت: 744ه) في «الصَّارِمُ المُنْكِي» (145) مؤسسة الريان بيروت ط 1، 1412ه]، والعلامة مرعي الحنبلي (ت: 1033ه) في «شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور» (174) ط دار الإفتاء الرياض وغيرهم].
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله معلقاً على ما نقل عن الأثرم «وظاهر كلام الأثرم -وهو من أجل أصحابه- أن ميل أحمد إلى المنع. فإنه قال رأيتُ أهل العلم بالمدينة لا يمسون القبر» [حاشية ابن حجر الهيتمي على شرح الإيضاح في مناسك الحج (219)].
بل هنا رواية أُخرى صحيحة أيضاً عن صالح ابن الإمام أحمد قال: قال أبي: «ولا يمس الحائط ولا يُقَبِّلُهُ» يعني حائط القبر [«مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح» (3/ 60 رقم 1340) الدار العلمية الهند ط 1 1408ه]
وهنا ثالثة: قال علي الطيالسي وهو من أصحاب أحمد: مسَحتُ يدي على أحمد بن حنبل ثُمَّ مَسَحتُ يدي على بدني، فَغَضِبَ غضباً شديداً، وجعلَ ينفُضُ نفسَهُ ويقولُ: عمَّن أخذتُم هذا؟ وأَنْكَرَهُ إنكاراً شديداً» اه [رواه القاضي في طبقات الحنابلة» (1/ 228 ط الفقي)، و (2/ 138 ط العثيمين الرياض 1419)، وذكره البهوتي في «كشاف القناع» (2/ 130) ط دار الفكر بيروت 1402ه]. وهذا أثر واضحٌ بيِّنٌ في تشنيع الإمام على من بتبرك به وهو حي، فكيف يرضى أن يُتَبَرَّك بالقبور والتربة التي عليها؟!
الرواية الرابعة: ويزيد هذا وضوحاً وتحريماً ما قاله أبو الحسن علي بن عمر القزويني رحمه الله في أماليه [كما في «الرد على الإخنائي» (415 - 416)]: قرأتُ على عبيد الله الزُّهري قلت له: حدثك أبوك، قال حدثني عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي [أحمد بن حنبل] قال: سمعت أبا زيد حماد بن دليل قال لسفيان بن عيينة: كان أحد يتمسح بالقبر؟ قال: لا، ولا يلتزم القبر، ولكن يدنو قال أبي: يعني الإعظام لرسول الله».
فقول الإمام أحمد وروايته هذه عن سفيان دليل كبير على موافقته لما قال سفيان وتأييده له.
والنصوص في مذهب الإمام أحمد في إنكار هذا الفعل من التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم والتمسح به، فضلاً عن بقية القبور كثيرة جداً.
¥