وثانيهما: هل ترى أن خلفاء بني العباس الذي سكنوا القاهرة في زمن سلاطين المماليك كانوا أيضا على نهج أجدادهم أم لهم طريق آخر؟
وجزاك الله خيرا
ـ[عبدالإله العباسي]ــــــــ[09 - 11 - 09, 05:54 م]ـ
قلت
الأخ الكريم نشكرك على هذه المعلومات القيمة، وإن كنت أرى أنك هضمت تاريخ بني أمية رحمهم الله ودفنت مآثرهم على حساب بني العباس غفر الله لهم.
فأقول
بارك الله فيك
نحن لم نهضم شيئا من تاريخ أبناء عمنا خلفاء بني أمية.
فالكتاب عن عقيدة بني العباس وليس عن مآثر بني العباس فضلا عن أن يكون عن مآثر خلفاء بني أمية.
ولم نأتي لذكر بني أمية في مقدمتنا إلا عندما نقلنا عن القاضي أبي بكر ابن الطيب كلامه عن الباطنية وكيفية إفسادهم لدين الإسلام قال يقولون للداعي: يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مسلما أن تجعل التشيع عنده دينه وشعاره واجعل المدخل من جهة ظلم السلف لعلي وقتلهم الحسين والتبري من تيم وعدي وبني أمية وبني العباس. اهـ، وهذا ليس فيه أي ذم لهم.
وفي الفصل الأول من الكتاب لم يأت ذكر لهم أبدا، وإنما جاء ذكرهم في الفصل الثاني، وذلك عند ذكرنا لثناء أهل العلم على بني العباس وأنهم رفعوا واجتنبوا أعظم ما نقمه الناس على بني أمية من سب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن تأخير الصلاة عن مواقيتها بل وإخراجها عن وقتها أحيانا.
فذكرنا لهذين الشيئين إنما جاء عرضا وليس قصدا، وذلك لتبيان أن دولة بني العباس أول قيامها أنهت هاتين العادتين الخبيثتين وقامت بنصرة الدين والسنة، وأيضا بدلت ما كان عليه بنو أمية من تقديم الخطبة على الصلاة والخطبة وهم قعود في العيدين والأذان لهما.
فيكونوا بهذا قد صححوا ما كان عليه بنو أمية، وقاموا بنصرة السنة أول توليهم للخلافة.
وقد قيل:
والضد يظهر حسنه الضد وبضدها تتبين الأشياء
ومما يدل على هذا (أي عدم قصدنا ثلب بني أمية) ابتداؤنا لهذا الفصل بهذا النقل عن بن كثير:
قال ابن كثير في البداية والنهاية (14\ 396):-
قال البيهقي ولم يكن في الخلفاء قبله - أي المأمون - من بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب السلف ومنهاجهم، فلما ولي هو الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك وزينوا له. اهـ.
فكأننا نقول لمن يمدح بني أمية ويثني عليهم في حسن عقيدتهم، أن بني العباس كانوا كذلك على عقيدة حسنة مثلهم وزادوا على ذلك أن أنهوا ما كان عليه بنو أمية من بدع.
قلت أيضا
لكني سأرجئ الكلام عن هذه القضية ولي سؤالان أحب أن أعرف إجابتهما منك لو تفضلت
أولهما: إذا كان خلفاء بني عباس على عقيدة أهل السنة فلماذا انتشر في عهدهم المذهب الأشعري في جل أرجاء البلاد التي تحت أيديهم ولم يظهر منهم إنكار لذلك وإلزام بعودة مذهب السلف الصالح، حيث كان المذهب منتشرا في مصر والشام والمغرب والعراق والجزيرة وخراسان وما وراء النهر .. إلخ
فأقول
1 - الإنحراف في توحيد الأسماء والصفات لا يكون منتشرا انتشارا ظاهرا بين الناس لأن الخائضين فيه هم المنشغلون بالعلم ولا يمثلون إلا نسبة قليلة من الناس , وذلك بعكس عقائد الشيعة التي تظهر وتنتشر بين العامة والخاصة.
2 - دولة بني العباس مرت بمرحلة من الضعف بعد قوتها وذلك عند فساد الناس والزمان وتمكن الأعاجم ضعاف الدين من تقليل قوة الخلافة وهيبتها.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (11/ 264) عن سنة 347 هـ وهي إحدى سنوات الضعف:-
وقد امتلأت البلاد رفضا وسبا للصحابة من بني بويه وبني حمدان والفاطميين، وكل ملوك البلاد مصرا وشاما وعراقا وخراسان وغير ذلك من البلاد، كانوا رفضا، وكذلك الحجاز وغيره، وغالب بلاد المغرب، فكثر السب والتكفير منهم للصحابة. انتهى.
ففي مثل ذلك الزمان لم يجد الخليفة أعوانا على الحق حتى يقوم بنصرة الدين.
وعندما يجد الخليفة أعوانا لا يتوانى في نصرة الدين , ذكر الذهبي في السير (15/ 125) أنه في سنة 381 هـ جرت فتنة بين السنة والشيعة , فحبس الطائع رأس الشيعة وشيخهم ابن المعلم , فعند ذلك غضب بنو بويه وكانوا شيعة وكان ابن المعلم من خواصهم , فجاؤوا إلى الطائع وقبلوا الأرض بين يديه ثم غدروا به وأخذوه وخلعوه من الخلافة رفع الله قدره في الدنيا والآخرة وأخزى عدوه.
والأمثلة كثيرة وسنفرد فيها موضوعا قريبا بإذن الله.
3 - مواقف خلفاء بني العباس من عقائد المبتدعة في باب الأسماء والصفات سلفية قوية , وهنالك بحث لنا في هذا الموضوع سينشر قريبا , ولقد ذكر أكثره في هذا المنتدى في هذا الموضوع (عقيدة بني العباس) إلى الآن.
وقد ذكرنا سابقا عقيدة أمير المؤمنين الخليفة القادر بالله المخالفة لعقائد الأشاعرة , وجهوده ضدهم حتى قام والي غزنة محمود بن سبكتكين بلعن الأشاعرة على المنابر.
وذكرنا أيضا ما قام أمير المؤمنين الخليفة المقتدي بأمر الله ضد الأشاعرة عندما حصلت فتنة ابن القشيري في بغداد سنة 469 هـ التي سوف يأتي تفصيلها عند كلامنا عن الشريف أبي جعفر العباسي الحنبلي فهو الذي تصدى للمبتدعة في تلك الفتنة.
فقد كان ذلك أول لظهور لعقائد الأشاعرة في العراق كما ذكر ذلك ابن تيمية وابن رجب.
قلت
وثانيهما: هل ترى أن خلفاء بني العباس الذي سكنوا القاهرة في زمن سلاطين المماليك كانوا أيضا على نهج أجدادهم أم لهم طريق آخر؟
فأقول
لم ينقل عن أحد منهم شيء من البدع مع حسن سيرتهم بل المنقول عن أمير المؤمنين الخليفة المعتضد بالله المصري (763 هـ) أنه كان حسن المعتقد كما سوف يأتي.
¥