تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[13 - 06 - 04, 09:35 م]ـ

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله

قرأت ما كتبه الأخ الفاضل محمد الأمين فأردت أن أبين حقيقة هذه المسألة بأدلتها من الكتاب و السنة و أقوال الصحابة رضوان الله عليهم.

قال تعالى (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) (آل عمران: 7).

فهذه الآية أصل في وجوب المسك بالمحكم و تفويض المتشابه إلى الله تعالى مع الإيمان بالمحكم و المتشابه.

و الصورة التي في هذه الآية هي وجود نص محكم قطعي الثبوت و قطعي الدلالة و وجود كذلك نص قطعي الثبوت ظني الدلالة ثم يكون نوع تعارض بين هذا المحكم و بين المتشابه و الملاحظ في هذه الآية أن الجمع بينهما قد يخفى حتى على الراسخين في العلم و الناس تجاه هذا المتشابه على نوعين:

الأول: من آمن بالمتشابه و المحكم و قدم معنى المحكم و فوض المتشابه إلى الله و هم الراسخون في العلم.

و الثاني: من قدم المتشابه على المحكم و هؤلاء هم أهل الزيغ و الضلال من أجل نشر الفتنة و تأويل كتاب الله تعالى و حرفه عن معناه الصحيح و هو المحكم.

فالمحكم كما ذكر الله تعالى أم الكتاب و أم الكتاب أصله الذي يرجع إليه فأم الشئ أصله لذا قال تعالى (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (الأنعام: 92).

فأم الشئ لا بد أن يكون واضحا بحيث لا يختلف عليه إثنان أن المرجع إليه و بحيث لو خالف هذا الأصل مخالف لعد مخطئا خطأ ظاهرا.

لذا لا بد تكون أدلتها من الظهور بحيث تكون حجة على كل زائغ فلا يكون دليل أم الكتاب من أضعف الأدلة أو يكون مختلف في حجيته في الأصل أو يحتمل معناه معاني عدة بحيث يضعف الإستدلال به أو يسقط.

و بعد تقرير هذا الأصل المجمل نرجع إلى ذكر التفصيل و إلى ذكر بعض الأحاديث التي وردت في التصوير و نتكلم عليها:

الحديث الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما، " صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ود كانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع كانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف، عند سبإ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم، أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت " و هذا الحديث بهذ اللفظ أخرجه البخاري في صحيحه.

وَ قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد حَدَّثَنَا مِهْرَان عَنْ سُفْيَان عَنْ مُوسَى عَنْ مُحَمَّد بْن قَيْس " وَيَغُوث وَيَعُوق وَنَسْرًا " قَالَ كَانُوا قَوْمًا صَالِحِينَ بَيْن آدَم وَنُوح وَكَانَ لَهُمْ أَتْبَاع يَقْتَدُونَ بِهِمْ فَلَمَّا مَاتُوا قَالَ أَصْحَابهمْ الَّذِينَ كَانُوا يَقْتَدُونَ بِهِمْ لَوْ صَوَّرْنَاهُمْ كَانَ أَشْوَق لَنَا إِلَى الْعِبَادَة إِذَا ذَكَرْنَاهُمْ فَصَوَّرُوهُمْ فَلَمَّا مَاتُوا وَجَاءَ آخَرُونَ دَبَّ إِلَيْهِمْ إِبْلِيس فَقَالَ إِنَّمَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَبِهِمْ يَسْقُونَ الْمَطَر فَعَبَدُوهُمْ).

فأبليس لعنة الله عليه كان يعلم علم اليقين أن للصور تأثير كبير في تغيير دين من كان بعد نوح لذا لجأ إلى أمرهم بتصوير هؤلاء الصالحين و نصبهم حتى يوقعهم بعبادته من دون الله تعالى.

فمن علل تحريم الصور هي مظنة عبادتها من دون الله تعالى و هذه العلة واضحة في هذا الحديث.

ولكن لم اختار الشيطان التصوير دون غيره حتى يوقعهم في الشرك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير