الدليل الثاني: عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصورة " قال بسر: ثم اشتكى زيد، فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله، ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: " إلا رقما في ثوب "
هذا الحديث ليس فيه أي ذكر لعبادة غير الله تعالى و إنما فيه ذكر لعلة أخرى و هي عدم دخول الملائكة في البيت و لكن فلنتسائل لم لا تدخل الملائكة في مكان فيه صور هل لأنها تعبد من دون الله تعالى أم لعلة أخرى معلومة عند الملائكة يعلمها الشيطان و تعلمها الملائكة.
ثم فلنتبه إلى فهم الصحابة و التابعين لهذا الحديث أخذه على العموم بحيث بسر بن سعيد فهم أن الصور يجب طمسها جميعا دون تفريق و غاب عن بسر أن أن النبي صلى الله عليه و سلم قال (إلا رقما في ثوب) فكلاهما فهم الحديث على عمومه و خصصه عبيد الله بآخر الحديث لذا من قال بالتفريق بين ما يعبد من دون الله و ما لا يعبد فرق بغير دليل و لا أقول أنه العبادة من دون الله ليست علة للتحريم و لكن ليست هي العلة الوحيدة.
الدليل الثالث: عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده، قال: فوجدت عنده سهل بن حنيف، قال: فدعا أبو طلحة إنسانا ينزع نمطا تحته، فقال له سهل: لم تنزعه؟ فقال: لأن فيه تصاوير، وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما قد علمت، قال سهل: أولم يقل " " إلا ما كان رقما في ثوب " "، فقال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
فهذا الحديث من أعظم الأدلة على أن الصحابة فهموا من حديث النبي صلى الله عليه و سلم بالنهي عن التصوير على العموم فهذا أبو طلحة الأنصاري و هو من كبار الصحابة فهم نهي النبي صلى الله عليه و سلم على العموم بل كان يأمر بطمس كل صورة حتى لو كانت رقما في ثوب و أقره سهل بن حنيف على فهمه هذا إلا أنه استثنى الرقم إذا كان في الثوب و هذا ينقض ما أدعاه من إجماع على أن الصحابة كانوا يتركون الصور إذا لم يخش عبادتها فهل يقول عاقل أن النمط الذي في الثوب تحت أبو طلحة كان يخشى عبادته من دون الله ثم هل كل صورة يجب طمسها كما فهم هؤلاء الصحابيان تعبد من دون الله تعالى.
و للحديث بيقة إن شاء الله تعالى.
ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[14 - 06 - 04, 02:22 ص]ـ
الدليل الرابع: أخرج البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: حشوت للنبي صلى الله عليه وسلم وسادة فيها تماثيل كأنها نمرقة، فجاء فقام بين البابين وجعل يتغير وجهه، فقلت: ما لنا يا رسول الله؟ قال: " ما بال هذه الوسادة؟ "، قالت: وسادة جعلتها لك لتضطجع عليها، قال: " أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، وأن من صنع الصورة يعذب يوم القيامة يقول: أحيوا ما خلقتم ".
و في لفظ آخر عند البخاري: أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بالباب فلم يدخل، فقلت: أتوب إلى الله مما أذنبت، قال: " ما هذه النمرقة " قلت: لتجلس عليها وتوسدها، قال: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم، وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصورة "
فلفظ الحديث قاطع بأن هذه الوسادة لم تكن محترمة حيث أن عائشة رضي الله عنها قد أعدتها للنبي صلى الله عليه و سلم ليضطجع عليها و مع ذلك حرم النبي صلى الله عليه و سلم اقتناء هذه الصور فكيف لو كانت الصور معلقة محترمة كما هي الصور في إيوان كسرى أو كانت تعبد من دون الله كما هي الصور في معابد الفراعنة و غيرهم.
و ذكر النبي صلى الله عليه و سلم في تحريم مثل هذه الصور علتين الأولى هي عدم دخول الملائكة البيت الذي وجدت فيه الصور لذا يحرم اقتناء هذه الصور و تعليقها.
و العلة الثانية هي أن من صور هذه الصور يعذب يوم القيامة بهذه الصور لذا لا يجوز اقتناء ما هو سبب للعذاب.
¥