تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(ب) ولا يلتفت إلى الرواية (ج) والمخرج واحد؟!

ثالثا: وأما الاستدلال بحديث أبي حميد الساعدي، فهو استدلال في غير محله: لأن " الفقار " جمع " فقارة

" وهي عظام الظهر. . . والمراد بذلك كمال الاعتدال. . . أي حتى تعود كل عظمة من عظام الظهر مكانها

. . أهـ ملخصاً من " الفتح " (2/ 308 / 309)

وأما رواية: " حتى يعود أو يقع كل مفصل أو عظم موقعه ".

فالجواب عليها بما يلي:

(أ) المراد بذلك عظام الظهر كما في الرواية السابقة، وقد سبق الجواب عليها.

(ب) هذا الحديث دليل على وجوب الاعتدال بعد الرفع من الركوع، فإنه لا صلاة لمن لم يُقم صلبه،

وموضوع النزاع لا قائل بوجوب الضم فيه، فلو كانت هذه الرواية دليلاً في موضوع النزاع، للزم من

استدل بها على ذلك، أن يقول بوجوب أو ركنية ذلك، ولا قائل به، بل العلماء على استحباب القبض أو

الضم في القيام الأول، فما ظنك بالقيام الثاني؟ ‍!

(جـ) أن الحديث لم يرد فيه ذكر الضم أو القبض في القيام الأول أصلاً، فكيف يُفهم من قوله صلى الله

عليه وآله وسلم: " حتى يعود كل مفصل إلى موضعه " الضم بعد الرفع كالقيام الأول؟!

فأين الرواية التي تدل في نفس الحديث على الضم في القيام الأول، حتى تُلْحِقوا القيام الثاني بالقيام

الأول في الضم أو القبض؟.

كل هذا يدل على أن المراد بالعظم أم المفصل عظام الظهر أو مفاصله، والله تعالى أعلم.

ثالثاً: وأما دليلهم الثالث فهو منقوض بالجلسة بين السجدتين، وجلسة الاستراحة، ولذلك مزيد تفصيل

سيأتي إن شاء الله تعالى.

رابعاً: وأما القول بأن الضم يناسب الخشوع، فهي علة غير متفق عليها بين أهل العلم، وقد قال النبي

صلى الله عليه وآله وسلم: " صلوا كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري، وهو صلى الله عليه وعلى آله

وسلم سيد الخاشعين المتقين، ولم يرد دليل عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالضم في هذا الموضع،

فكيف نحكم على من حاول أن يجعل صلاته مقيدة بما جاء عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ناقص

الخشوع؟.

وقد ذهب محمد بن الحسن الشيباني إلى أن الضم سنة القراءة، ولذا ذهب إلى الإرسال حالة الثناء،

وظاهر مذهب الحنفية أن الضم سنة القيام الذي له قرار ـ هكذا والظاهر أنها: له قراءة ـ انظر " بدائع

الصنائع " للكاساني (1/ 298) وقد أجبت في كتابي عن الصلاة على إشكلات قد تُفهم من كلام

الكاساني، فارجع إليه.

خامساً: وأما القول بأنه لم يقل بالإرسال في موضع النزاع أحد، فالواقع يدفعه، فإن الإرسال في هذا

الموضع شبه إجماع، أو إجماع عند الحنفية، انظر " بدائع الصنائع " (1/ 298) ولم أقف على تصريح

باستحباب الضم في موضع النزاع إلا من كلام ابن حزم في " المحلى " (4/ 112) واستدل بالعموم

الوارد في حديث وائل، وقد سبق ما فيه.

نعم، ما جاء في " سؤالات صالح بن أحمد " (ص 205) برقم (776):

(قلت كيف يضع الرجل يده بعدما يرفع رأسه من الركوع، أيضع اليمنى على الشمال، أم يسدهما؟

قال: أرجو أن لا يضيق ذلك إن شاء الله تعالى) اهـ.

وهذا القول من أحمد فيه لفتة عجيبة، بينها لنا شيخنا الألباني ـ أتم الله شفاءه ـ في أحد مجالسه، حيث

قال: لماذا لم يقل أحمد: يضع اليمنى على الشمال، كما هو مذهبه في القيام الأول؟

إنما اكتفى بقوله: " أرجو. . . " الخ، فلو كان حكم القيام الثاني عند الإمام أحمد، هو حكم القيام الأول،

لصرح بوضع اليمنى على الشمال، لكن الأمر ليس كذلك.

قلت: وقد اختلفت الروايات عن احمد في ذلك، بين التخيير والإرسال والضم، انظر " الفروع "

(1/ 433) و " الإنصاف " (2/ 63).

سادساً: وإذ قد ظهر لك عدم الانتهاض على الاحتجاج للضم بعد الرفع من الركوع بالأدلة السابقة، فقد

أخرج مسلم برقم (401) من حديث وائل بن حجر " أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رفع

يديه حين دخل في الصلاة حيال أذنيه، وكبر، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما

أراد أن يركع، أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما، ثم كبر فركع، فلما قال: سمع الله لمن حمده، رفع

يديه، فلما سجد سجد بين كفيه ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير