فمن نظر في هذا الحديث، علم أن وائلاً رضي الله عنه قد اعتنى عناية بالغة بموضع اليدين فيما ذكر من
هيئات الصلاة، فلو كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضم يديه بعد الرفع لنقل ذلك وائل، فلما لم
يذكره، دل على عدم وقوعه.
فإن قيل: وكما أن وائل بن حجر لم ينقل الضم، فكذلك لم ينقل الإرسال، فلماذا ترسلون؟
فالجواب عن ذلك من وجهين:
(أ) أن الضم حركة في الصلاة تحتاج إلى دليل، فمن لم يُقِمْ عليها دليلاً، فلا يُقبل قوله، يوضح ذلك
الوجه الثاني:
(ب) أن الأصل الإرسال، والانتقال عن الأصل يحتاج إلى دليل ناقل، ولا دليل مع المخالف عليه.
يوضح ذلك: أنه لو لم يرد دليل أصلاً بوضع اليمين على الشمال في القيام الأول، لما فعلناه، وإذا لم
تضع اليمنى على اليسرى، فليس هناك إلا الإرسال، فهذا يوضح لك أن الأصل الإرسال، وإنما تركناه في
القيام الأول للدليل، فلما لم يرد دليل على الضم في القيام الثاني، رجعنا للأصل، وهو الإرسال، والله
أعلم.
بقي أن يقال: قد رجحت عدم الضم بعد الرفع من الركوع، فما حكم من ضم بعد الرفع من الركوع؟ هل
يكون مبتدعاً؟
الجواب: الراجح عندي أنه على خلاف الأولى والراجح من الأدلة، أما الحكم بالبدعية على هذا الفعل ـ
فضلاً عن الحكم على فاعله بالبدعة ـ فلا أذهب إليه، لقول أحمد رحمه الله، حيث قال: " أرجو أن
يضيق ذلك إن شاء الله تعالى " اهـ.
فلو كان هذا الفعل بدعة، لما قال أحمد ما قال، والمسألة اجتهادية، وبين السلف فيها اختلاف، وأحمد
نفسه له في المسألة ثلاث أقوال، والعلم عند الله تعالى) انتهى كلام الشيخ أبو الحسن الماربي جزاه الله
قال عبدالرحمن الفقيه
الرد على الكلام السابق لأبي الحسن المصري
هناك عدة ملاحظات على ما قاله أبو الحسن وفقه الله
الأولى:
أنه لم يذكر فى حجج القائلين بالوضع بعد الرفع حديث سهل بن سعد وهو عند البخارى (740) عن أبى حازم عن سهل بن سعد قال كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى فى الصلاة
قال أبو حازم لا أعلمه إلا ينمى ذلك إلى النبى صلى الله عليه وسلم
وأخرجه مالك فى الموطأ
فقوله فى الصلاة عام يشمل ما قبل الركوع وما بعدها والله أعلم.
الثانية:
أنه ذكر أن البخارى أثبت سماع علقمة من ابيه كما فى التاريخ خلافا لابن معين وفاته أن البخارى له قول آخر مفصل ذكره عنه الترمذى فى العلل الكبير (1/ 542) سالت محمدا عن علقمة بن وائل هل سمع من ابيه فقال انه ولد بعد موت ابيه بستة أشهر).
الثالثة:
قوله إن السنة لم تبين موضع اليدين فى كل مواضع الصلاة فيقال له أنت ماذا تفعل فى يديك بين السجدتين وأين تضعها وما هو الدليل الذى استدللت به على ذلك؟
وهو الجواب عن إيرادك
فإن قلت الاجماع فهو نفس الدليل للآخرين وأى دليل تستدل به فى هذا الموضع فهو دليل الآخرين
الرابعة:
فى قوله إن الرواية (ب) مخصصة وليست على عمومها) واستدل على ذلك بما جاء فى بعض الروايات بلفظ (كان اذا قام الى الصلاة) وقال إنه لايفهم منه إلا القيام الأول فليس فيها دليل على أنها للقيام الأول وإلا لزم من ذلك ألا تفعل إلا فى الركعة الأولى
وقوله إذا قام إلى الصلاة لاتنافى قوله فى الرواية الأخرى إذا كان قائما فى الصلاة ولماذا لانقول إن رواية إذا كان قائما تبين معنى قوله إذا قام إلى الصلاة وهو واضح فليتامل والله اعلم.
الخامسة:
قوله إن الحديث روى بالمعنى لاشك فى ورود بعض الروايات بالمعنى ولكن لانلجأ إلى هذا القول إلا إذا لم نستطع الجمع
أما إذا استطعنا الجمع كما هنا فلا داعى لذلك وإلا فيقال لك الرواية التى استدللت بها كان إذا قام إلى الصلاة مروية بالمعنى وكلما استدللت برواية يقال إنها بالمعنى ولا يخفى فساد هذا والله اعلم
وينبغى علينا أن نتذكر أن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد الا النبى صلى الله عليه وسلم كما قال مجاهد (كما في جزء رفع الدين للبخاري، وإن كانت مشهورة عن مالك) وغيره وإن كا ن الشيخ الالبانى رحمه الله قال بذلك فهو مجتهد ولكن لايلزم ان يكون قد أصاب فى هذه المسالة وكلام أبى الحسن هنا هو نفس كلام الشيخ الالبانى رحمه الله فى السلسة الصحيحة المجلد الخامس.
الخلاصة مما سبق
أن الأصح من قولي العلماء هو وضع اليد اليمنى على اليسرى بعد الرفع من الركوع
لعموم قول وائل رضى الله عنه (إذا كان قائما فى الصلاة) ولا مخصص له
ولعموم حديث سهل (امرنا أن تنضع اليمنى على اليسرى إذا كنا قياما فى الصلاة) رواه البخاري
والأمر فى المساله فيه سعه
والله أعلم.
ـ[أسد السنة]ــــــــ[22 - 08 - 02, 07:14 م]ـ
الحبيب الفقيه
البحث الذي نقلته لأبي الحسن قوي جداً نقول هذا من باب الإنصاف وإن كنا نخالف المذكور في مسائل كثيرة.
ولا يكون الرد عليه بهذه البساطه فالقراء لا شك يميزون الرد القوى من الرد الضعيف.
وأظن مدار الخلاف في المسألة يدور على حديث سهل الذي في البخاري وحديث وائل الذي عند النسائي وأصله في صحيح مسلم.
أما حديث سهل فهو حديث مطلق وليس عاماً وهذا خطأ فاحش يترتب عليه إلزامات لا يلتزم بها الذي يقول بمشروعية الضم.
وأما حديث وائل فيبين معناه ما جاء في صحيح مسلم والله أعلم.
¥