تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فآمنا إذا من التهمة و اختلال الضبط، و الأصل فيمن وصفوه بكلمة "ثقة" أنه في درجة عالية من الضبط و الإتقان.

فإذا عرفت هذا، وعرفت أن في الرواة عن وائل بن حجر ـ رضي الله عنه ـ أهله ومنهم: زوجته أم يحي، وأبناؤه علقمة وعبد الجبار، ومولى لهم كليب بن شهاب، وحجر بن عيسى و آخرون" مقدمة التمهيد لابن عبد البر".

و إذا عرفت أن عبد الجبار كان يأخذ أحاديث والده عن هؤلاء، و بخاصة علقمة كما ذكر ذلك الحافظ في " التقريب" في ترجمة علقمة بن وائل، عرفت نوع هذا الانقطاع و أنه من النوع الذي يحتمل.

كما أنه من المستبعد جدا أن يأخذ رجل أحاديث والده عن غير أهله وموالي أبيه، وهو يعلم أنهم يروون عنه، ولا شك أنهم هم الذين علموه الصلاة و أشياء أخرى مما تعلموه من وائل ـ رضي الله عنه ـ

وفي أقل أحواله يتثبت منهم، وقد قلنا عن عبد الجبار أنه ثقة،فمن المفروض إذن أن يكون ذلك منه.

يؤيده أن الرواة يسقطون أحيانا بعضهم البعض من السند، إما على سبيل المذاكرة و المناظرة، وإما لظهور الثقة بينهم كما في الإرسال، وفي هذا الحديث يكون عبد الجبار بن وائل قد أسقط أحد أفراد عائلته ممن عهد الأخذ عنه للقرابة، فإنه يحصل بها من الاطمئنان، وقلة الاحتراس مالا يحصل بغيرها.

وهذا الحديث أشبه بالمرسل، ولعله لذلك قال الحافظ ابن حجر في" التقريب" عن عبد الجبار بن وائل:"إنه كان يرسل عن أبيه".

أمثلة عن نوع الأسانيد عن و ائل بن حجر:

أخرج الإمام أحمد رحمه {319/ 4} عن عبد الجبار عن بعض أهله أن وائلا قال:" أتيته مرة وعلى الناس ثياب فيها البرانس وفيها الأكيسة،فرأيتهم يقولون هكذا تحت الثياب"

فهذا الحديث احتج به غير واحد منهم الشيخ الألباني ـ رحمه الله.

وصحح الدار قطني و الإمام مسلم وغيرهما إسناد عبد الجبار بن وائل عن أبيه في الجهر بالتأمين،حيث قال:"مد بها صوته"، مخالفا لشعبة عن سلمة بن كهيل، موافقا لمارواه سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل.

و الذي يهمنا هنا هو أن غالب مسند وائل بن حجر ـ رضي الله عنه ـ عن زوجته و أبنائه ومواليه فتنبه لهذا.

قال ابن حجر في " النكت" {399/ 1}:" وقد جود النسائي حديث عبد الجبار عن وائل بن حجر، وقال: عبد الجبار لم يسمع من أبيه لكن الحديث في نفسه جيد".

وذكر أمثلة أخرى، ثم قال:" وذلك مصير منهم إلى أن الصورة الاجتماعية لها تأثير في التقوية"

هذا هو صنيع الأئمة النقاد، يعتبرون من القرائن و العلامات على صدق الراوي، واتصال سنده ما يجعل نظرهم ثاقبا دقيقا.

وقد وصل الحديث البيهقي في" سننه" {99/ 2} فقال:" أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأ محمد بن حيان ثنا محمد بن يحي ثنا أبو كريب ثنا محمد بن حجر أنا سعيد بن عبد الجبار بن وائل عن أمه عن وائل بن حجر قال:" صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سجد وكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه"

و هذا الحديث و إن كان في سنده مقال لاختلافهم في محمد بن حجر بن عبد الجبار وعمه سعيد بن عبد الجبار، فإن مداره على آل وائل ـ رضي الله عنه ـ

وعليه، فإن مجرد إعلال الحديث بالانقطاع بين عبد الجبار بن وائل و أبيه، ضعيف و قاصر عن الارتقاء إلى كونه علة قادحة في الحديث، والله أعلم.

و إذا تمّ هذا، على هذا النسق، وبدون التطرق إلى الشواهد التي سنذكرها في آخر البحث، وبخاصة الموقوفة منها، ألا يمكن القول:إن هذه الطرق ـ بغض النظر عن طريق إسرائيل بن يونس ـ فإن الشيخ الألباني لا يسلم بهاـ تكسب بعضها البعض قوة ومتانة، وقد قال أئمة الحديث بتقوية الحديث بمجموع طرقه، وقيدوا ذلك بما إذا كان ضعف الرواة في مختلف الطرق ناشئا من سوء حفظهم،لا من تهمة في دينهم وصدقهم، وإلا فإنه لا يتقوى مهما كثرت طرقه، كما قيدوا كذلك بأن لا تكون العلة هي نفسها في جميع الطرق.

و هذا الحديث أعني حديث شريك قد جاء من طرق عديدة، عللها مختلفة، وهو حديث مشهور عند الأئمة، معروف عند الفقهاء، عليه عمل غالب الأئمة من عصر الصحابة إلى اليوم، وهذه كلها مرجحات له، وقرائن تشهد على صحته.

قال الشافعي في " مختلف الحديث" على لسان محمد بن الحسن الشيباني، وهو يسأله عن ثبوت بعض الأحاديث:" { .... } وحديث بئر بضاعة فيثبت بشهرته و أنه معروف"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير