تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و إذا تبين هذا اتضح وجه الحق في كلام ابن القيم، والمناوي، و على القاري، عندما قالوا عن حديث أبي هريرة:" إنه وهم من بعض الرواة لأن أول الحديث ينقض آخره، فإن البعير يضع يديه قبل ركبتيه حال البروك، والذي قال:" ركبة البعير في يديه وهم وغلط وخالف أئمة اللغة".

إن المتابعة التي جاء بها الشيخ تدل أيما دلالة على أن الدار وردي وهم في حديث أبي هريرة، كما وهم في حديث ابن عمر، وهو محور الحديثين عليه مدارهما، روى الحديث الأول {عن أبي هريرة} بلفظين مختلفين، وخالف غيره فيه {هذه المتابعة} فتكرر الخطأ و العلة، لدى لا يعتضد حديث أبي هريرة بحديث ابن عمر، لأن الراوي واحد ضعيف، قد اضطرب و تفرد وخالف، وأهل الحديث اشترطوا في التعضيد عدم تكرار العلة.

الخلاصة:

إن ثبوت الإهواء على الركب عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وابن عمر، وثبوت الاعتماد عليها في النهوض عن علي، وابن عمر، و عبد الله بن الزبير، مما يشهد لحديث شريك بالصحة، ولا يمكن أن يقال: لا يعارض مرفوع بموقوف للأسباب التالية:

1 ـ المرفوع المستشهد به ضعيف غير مقطوع به، لم يحتج به أحد من السلف من القرون المفضلة، غاية ما عندهم قول مالك و الأوزاعي:" أدركنا الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم"،و هذا عليهم لا لهم، فإن كان أئمة المدينة النبوية كمالك و الأوزاعي الذين يشتركون في شيوخهم من أهل المدينة لم يروا حديثا بهذا الشأن، و روى الدار وردي الأقل حفظا و اتقانا منهما هذين الحديثين،كان ذلك مسلكا للشك في روايته، فإنه عمد إلى عمود من أعمدة الحديث المدني كأبي الزناد، وكذلك العمري، وروى عنهما مالم يروه أئمة أصحابهما؟

2 ـ إننا بصدد الاستشهاد بالموقوف للمرفوع، لا معارضة مرفوع بموقوف؟

3 ـ إن فعل الصحابي لا يكون حجة إذا خالف جمهور الصحابة، و الأمر هنا على خلاف ذلك، فإن ثبوت الإهواء على الركب عن هذا الجمع من الصحابة، وعددهم أكثر ممن روى الإهواء على اليدين تفسير للسنة.

4 ـ من المستحيل أن تفوت كل هؤلاء الصحابة سنة الإهواء على اليدين، وقد عرفوا بملازمة النبي صلى الله عليه وسلم، والإهواء حركة ظاهرة، لو كان قولا غاب عنهم، أو فعلا مما جرت العادة أن يكون في البيت لهان الأمر.

5 ـ يوضحه: إننا بالبحث و الاستقراء وجدنا أن غالب ما يفوت الصحابة إما أقوال صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن خاصة، و إما أفعال مما هو من قبيل وقائع الأعيان، لكن الأفعال التي كان يكررها أمامهم دائما فإنها لم تفتهم.

و الإهواء من أكثر أفعال الصلاة ظهورا، وقد قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:" صلوا كما رأيتموني أصلي" حديث صحيح مشهور.

و عليه فإن ما ثبت عن الصحابة الذين كانوا يهوون على الركب إما منسوخ، وإما محكم لا يحتمل وجها آخر.

والفرق بين الإهواء على الركب، و الإهواء على اليدين،هو أن الأول وجدناه في أحاديث مرفوعة مختلف فيها، إلا أن عموم الفقهاء و المحدثين عملوا بموجبها ـ ثم وجدناه في أحاديث موقوفة صحيحة غاية الصحة و كثيرة ـ ثم وجدناه في آثار التابعين بقوة.

أما الثاني فلم نجده إلى في حديثين مرفوعين مختلف فيهما،وصفهما أكثر المحدثين بالغرابة ـ أما عند الصحابة و التابعين فلا وجود له إلا عند الحسن البصري.

و عليه فاحتمال أنهم لم يروا كيفية إهوائه صلى الله عليه وسلم، فلا يتطرق إلى العقل.

لقد فاتت أبي بكر وهو من ألزم الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم مسألة ميراث الجدة حتى أخبره المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة، وهذه مسألة قولية.

و فاتت عمر ـ رضي الله عنه ـ مسائل عديدة منها:

ـ سنة الاستئذان حتى أخبره أبو موسى و استشهد بالأنصار.

ـ ميراث المرأة من دية زوجها حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان.

ـ حكم المجوس في الجزية حتى أخبره عبد الرحمان بن عوف.

ـ حكم من دخل أرضا بها الطاعون حتى أخبره عبد الرحمان بن عوف.

ـ الشاك في الصلاة كيف يصنع؟ حتى اخبره عبد الرحمان بن عوف

ووجوه كثيرة أخرى، ليس فيها مسألة من مسائل الأفعال التي تتكرر أمامهم، كالصلاة و الإهواء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير