تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالجواب أن يقال: إن بين كلام ابن القيم و بين أول كلام الألباني بوناً بعيداً. أما الألباني فانه نفى أن يكون الشر من أفعال الله تعالى و هذا هو قول القدرية بعينه، و أما ابن القيم – رحمه الله تعالى – فانه أثبت أن الله تعالى خالق الخير و الشر، ثم نزه أفعال الرب تبارك و تعالى عن الاتصاف بوصف الشر، لانه تعالى لا يضع شيئاً إلا في موضعه اللائق به، و ذلك عدل منه تعالى و ليس شراً بالنسبة إليه، و هذا من أقوال أهل الحق.

و لو أن الشيخ الألباني قال: إن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لانه ليس في فعله تبارك و تعالى شر أي بالنسبة إليه لسلم من الاعتراض و لكان قوله موافقاً لقول ابن القيم – رحمه الله تعالى – و الله سبحانه و تعالى أعلم.

ثم إن قول الألباني: و الشر ليس إليك إنما صار شراً لانقطاع نسبته و اضافته إلى الله تعالى بالكلية فلا يقال إنه خالق الشر و لا انه يفعل الشر بأحد من خلقه. و هذا هو قول القدرية بعينه. و الذي اتفق عليه أهل السنة و الجماعة أن الله تعالى خالق الشر كما أنه خالق الخير، و أنه يفعل بمن شاء خيراً، و بمن شاء شراً، فالأمران معاً مضافان إليه خلقاً و إيجاداً كما قال تعالى (و نبلوكم بالشر و الخير فتنة) و غيرها من الآيات التي تقدم ذكرها.

و إنما كان أهل السنة و الجماعة يعدلون عن نسبة الشر و إضافته إلى الله تعالى على وجه الأدب في العبارة لا على أنه منقطع النسبة و الإضافة إلى الله بالكلية. و من تدبر ما قرره الشيخ الألباني في أثناء كلامه لم يشك في حسن عقيدته في باب القدر، و ما وقع في أول كلامه و آخره فذلك خطأ في العبارة و قل أن يسلم من الخطأ أحد من البشر.

و الله المسئول أن يوفقنا و إياه و جميع المسلمين لما يحب و يرضى من الأقوال و الأعمال، و أن يسلك بالجميع سبيل السلف الصالح من الصحابة و التابعين لهم بإحسان إن ربي لسميع الدعاء قريب مجيب.

التنبيه الرابع

الرابع قال المؤلف في صفحة 82 ما نصه (صلاة الجنازة السنة أن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب و سورة) ا. هـ. ثم ذكره في الحاشية أنه رواه البخاري و أبو داود و النسائي. و هذا فيه إيهام فان رواية البخاري و أبي داود ليس فيها ذكر السورة و إنما ذلك في إحدى روايتي النسائي، و هو ما رواه: عن الهيثم بن أيوب، قال: حدثنا إبراهيم و هو ابن سعد، قال: حدثنا أبي، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب و سورة و جهر حتى أسمعنا فلما فرغ أخذت بيده، فسألته، فقال: " سنة و حق ".

و قد رواه الإمام الشافعي في مسنده بدون ذكر السورة فقال: أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب فلما سلم سألته عن ذلك، فقال: " سنة و حق ". إسناده صحيح على شرط البخاري.

فهذا هو المحفوظ عن ابن عباس رضي الله عنهما، ليس فيه ذكر السورة، و كذا رواه شعبة و سفيان، عن سعد بن إبراهيم بدون ذكر السورة، فأما رواية شعبة فأخرجها البخاري و النسائي، و أما رواية سفيان فأخرجها البخاري و أبو داود و الترمذي، و قال: هذا حديث حسن صحيح.

قال البيهقي: ذكر السورة غير محفوظ. قلت: و يدل على ذلك ما ذكرته ههنا، و يدل عليه أيضاً ما رواه الشافعي في مسنده: أخبرنا ابن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة و يقول: إنما فعلت لتعلموا أنها سنة.

و قد رواه الحاكم في مستدركه من طريق: ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة. و قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. و وافقه الذهبي في تلخيصه. قال الحاكم: و قد أجمعوا على أن قول الصحابي سنة حديث مسند.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير