هل يُقال: (ما أحْلَمَ الله) (ما أعظَمَ الله)؟
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[03 - 07 - 05, 07:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت أقلّب في " طبقات الشافعيّة الكبرى " لتاج الدين السبكي ـ وهو أوسع كتب التراجم الخاصّة بالشافعيّة، وفيه فوائد، كما أنّه تضمّن رسائل في تقرير مذهب الأشاعرة والطعن في عقيدة السلَف ـ وقد كنت علّقت شيئاً من الفوائد إبّان قراءته منذ سنَوات، وكان من بينها هذه الفائدة التي أنقلها هُنا، وأترك للإخوة التعقيبَ والمشاركة في الإفادة:
أورد المؤلّف في (9/ 293) في أثناء ترجمته للشيخ العلاّمة المفسّر النحوي أبي حيّان الأندلسي أنّه ـ أي أبا حيّان ـ مَنَعَ أن يقال: (ما أعظَمَ الله)، (ما أحلَم الله) ونحو ذلك، ونقل هذا عن ابن عصفور احتجاجاً بأنّ معناه: شيءٌ عظّمَهُ أو حلّمَه.
قال المؤلّف: (وجوّزَه الإمام الوالد محتجّاً بقوله تعالى: " أبصِر بهِ وأسمِع "، والضمير في " بِهِ " عائدٌ على اللهِ: أي: ما أبصَرَه وأسمَعَه! فدلّ على جواز التعجّب في ذلك.
قال ـ ابن السبكي ـ: وللوالدِ تصنيفٌ في تجويز ذلك، أحسَنَ القولَ فيه ..
ثم نقل عن بعض اللغويين تجويز ذلك كالمبرِّد في جوابٍ للزجّاج .. فانظره هُناك غيرَ مأمور ..
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 05, 11:49 م]ـ
جزاكم الله خيرا
قال في الإنصاف
أما قولهم لو كان التقدير فيه شيء أحسن زيدا لوجب أن يكون التقدير في قولنا ما أعظم الله شيء أعظم الله والله تعالى عظيم لا يجعل جاعل قلنا معنى قولهم شيء أعظم الله أي وصفه بالعظمة كما يقول الرجل إذا سمع الأذان كبرت كبيرا وعظمت عظيما أي وصفته بالكبرياء والعظمة لا صيرته
كبيرا عظيما فكذلك هاهنا ولذلك الشيء ثلاثة معان أحدها أن يعنى بالشيء من يعظمه من عباده والثاني أن يعنى بالشيء ما يدل على عظمة الله تعالى وقدرته من مصنوعاته والثالث أن يعنى به نفسه أي أنه عظيم لنفسه لا لشيء جعله عظيما فرقا بينه وبين خلقه
وحكى أن بعض أصحاب أبي العباس محمد بن يزيد المبرد قدم من البصرة إلى بغداد قبل قدوم المبرد إليها فحضر في حلقة أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب فسئل عن هذه المسألة فأجاب بجواب أهل البصرة وقال التقدير في قولهم ما أحسن زيدا شيء أحسن زيدا فقيل له ما تقول في قولنا ما أعظم الله فقال شيء أعظم الله فأنكروا عليه وقالوا هذا لا يجوز لأن الله تعالى عظيم لا بجعل جاعل ثم سحبوه من الحلقة وأخرجوه فلما قدم المبرد إلى بغداد أوردوا عليه هذا الإشكال فأجاب بما قدمنا من الجواب فبان بذلك قبح إنكارهم عليه وفساد ما ذهبوا إليه
وقيل يحتمل أن يكون قولنا شيء أعظم الله بمنزلة الإخبار أنه عظيم لا على معنى شيء أعظمه فإن الألفاظ الجارية عليه سبحانه يجب حملها على ما يليق بصفاته ألا ترى أن عسى ولعل فيها طرف من الشك ولا يحمل في حقه سبحانه على الشك وكذلك الامتحان يحمل منا على معان تستحيل في حقه سبحانه إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة فكذلك هاهنا يكون المراد بقولهم ما أعظم الله الإخبار أنه عظيم لا شيء جعله عظيما لاستحالته وإن كان ذلك يقدر في غيره لجوازه وعدم استحالته
وأما قول الشاعر
(ما أقدر الله أن يدنى على شحط ... من داره الجزن ممن داره صول)
إنه وإن كان لفظه لفظ تعجب فالمراد به المبالغة في وصف الله تعالى بالقدرة كقوله تعالى (فليمدد له الرحمن مدا) فجاء بصيغة الأمر وإن لم يكن في الحقيقة أمرا لامتناع ذلك في حق الله تعالى وإن شئت قدرته تقدير ما أعظم الله على ما بينا والله أعلم)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 05, 11:51 م]ـ
وفي
(والنصب بالتعجب
قولهم ما أحسن زيدا وما أكرم عمرا هو في التمثال بمنزلة الفاعل والمفعول به كأنه قال شيء حسن زيدا وحد التعجب ما يجده الإنسان من نفسه عند خروج الشيء من عادته
وقال الكوفيون هذا لا يقاس عليه لأن قولهم ما أعظم الله لا يجوز أن تقول شيء عظم الله فرد عليهم قولهم وقال البصريون لا يذهب القياس بحرف واحد وقالوا لا يجعل فاعله مفعولا ولا مفعوله فاعلا ومن شأن العرب الوسع في كل شيء ومعنى ما أعظم الله ما أعظم ما خلق الله وما أحسن ما خلق
)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[04 - 07 - 05, 12:01 ص]ـ
وأورد نص السبكي في الطبقات
(ومن المسائل عنه
منع الشيخ أبو حيان أن يقال ما أعظم الله وما أحلم الله ونحو ذلك ونقل هذا عن أبي الحسن ابن عصفور احتجاجا بأن معناه شيء عظمه أو حلمه
وجوزه الإمام الوالد محتجا بقوله تعالى (أبصر به وأسمع) والضمير في (به) عائد على الله أي ما أبصره وأسمعه فدل على جواز التعجب في ذلك
وللوالد تصنيف في تجويز ذلك أحسن القول فيه
قلت وفي شرح ألفية ابن معطي لأبي عبد الله محمد بن إلياس النحوي وهو متأخر من أهل حماة سأل الزجاج المبرد فقال كيف تقول ما أحلم الله وما أعظم الله
فقال كما قلت
فقال الزجاج وهل يكون شيء حلم الله أو عظمه
فقال المبرد إن هذا الكلام يقال عندما يظهر من اتصافه تعالى بالحلم والعظمة وعند الشيء يصادف من تفضله فالمتعجب هو الذاكر له بالحلم والعظمة عند رؤيته إياهما عيانا
294.
وقد نقل الوالد معنى هذه الحكاية في تصنيفه عن كتاب الإنصاف لابن الأنباري وذكر من التأويل أن يعني بالشيء نفسه أي إنه عظم نفسه أو إنه عظيم بنفسه لا شيء جعله عظيما
)
¥