[هل يجوز الاستدلال بالحديث الضعيف في الترغيب والترهيب؟]
ـ[علي الصويلح]ــــــــ[16 - 07 - 05, 12:02 ص]ـ
أريد أقوال العلماء في ذلك.
وشكرا لكم أيها الأفاضل.
ـ[وليد دويدار]ــــــــ[16 - 07 - 05, 12:48 ص]ـ
حكم العمل بالحديث الضعيف:
اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز العمل بالحديث الضعيف في العقائد، ولا في بناء الأحكام الشرعية العملية، واختلفوا فيما سوى ذلك على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: لا يجوز العمل به مطلقاً، وإليه ذهب أبو بكر بن العربي، وحكاه ابن سيد الناس عن يحيى بن معين، والظاهر أنه مذهب البخاري ومسلم لما عرفناه من شروطهما للصحيح، وهو مذهب ابن حزم الأندلسي، والشهاب الخفاجي، وجلال الدين الدواني وغيرهم.
لأن الأحكام الشرعية الخمسة إذا أراد الله تعالى أن يشرع واحداً منها، فإنه يوصله إلى الأمة بأحد الطرق المعتبرة عندهم كالكتاب وما صح من السنة، ويمتنع أن يريد الله تعالى تشريع حكم، ثم يقطع على الأمة الطريق الموصلة إليه، ويؤيد هذا ما قاله ابن حزم الظاهري ـ رحمه الله تعالى ـ:
((إننا قد أَمِنَّا ولله الحمد أن تكون شريعةٌ أَمَرَ بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أو نَدب إليها، أو فعلها عليه السلام فتضيع، ولم تبلغ إلى أحد من أمته، إما بتواتر، أو بنقل الثقة عن الثقة حتى تبلغ إليه صلى الله عليه وسلم، وأَمِنَّا أيضاً قطعاً أن يكون الله تعالى يُفْرِدُ بنقلها من لا تقوم الحجة بنقله من العدول، وأَمِنَّا أيضاً قطعاً أن تكون شريعةٌ يخطئ فيها راويها الثقة، ولا يأتي بيان جَلِيّ واضح بصحة خطئه فيه))
ولأن الحديث الضعيف يفيد الظن المرجوح ولا حجة فيه، وكذلك فتح باب العمل بالحديث الضعيف يفتح أبواباً من المفاسد، منها انسحاب ذلك إلى غيره من أحاديث العقيدة والأحكام، وهذا ما وقع فيه الحافظ السيوطي ـ رحمه الله تعالى ـ إذ أتى بحديث حكم عليه غير واحد من الحفاظ بالوضع والبطلان والنكارة، وعلى رأسهم جبل الحفظ والنقد والإتقان الإمام الدارقطني رحمه الله تعالى، وهو حديث إحياء الله تعالى لوالديّ النبي صلى الله عليه وسلم وإيمانهما به ثم موتهما، وهو حديث بالإضافة إلى بطلانه لا علاقة له بالفضائل،وإنما يتعلق بإثبات الإيمان لهما، وخلص الحافظ السيوطي منه إلى أنه ضعيف، ثم قال: يُتَساهل في الضعيف في الفضائل!!!؟
وتبعه على ذلك الإمام الشوكاني ـ رحمه الله تعالى ـ وجعلاه من فضائله
صلى الله عليه وسلم وكرامته عند الله تعالى!
ولكن نقل ابن الجوزي عن شيخه محمد بن ناصر: أن هذا الحديث موضوع، لأن قبر آمنة بالأبواء كما ثبت في الصحيح، وأبو غزية هذا زعم أنه بالحجون، وسبق ابن الجوزي إلى الحكم بوضعه ومعارضته بحديث بريدة، الجوزقاني في كتاب الأباطيل
علاوة على كل ما مرَّ، فإن في الصحيح بأقسامه،في الفضائل والترغيب والترهيب، من جوامع كلم المصطفى r ثروة يعجز البيان عن وصفها، وكفاية تغنينا عن اللجوء للضعيف في شيء من الشرع، وبخاصة أن الفضائل ومكارم الأخلاق من دعائم الدين.
أقول: العمل بالحديث الضعيف من باب الاحتياط لا من باب الإثبات، واستحباب الاحتياط معلوم من قواعد الشرع، فيُلْزِم إنسانٌ وَرِعٌ نفسه بالحديث الضعيف احتياطاً، لاحتمال أن الرسول r قد قاله، فإن أصل المشروعية ثابت بالأصل الشرعي العام، وجاء هذا الخبر الضعيف موافقاً له.
المذهب الثاني: يجوز العمل بالحديث الضعيف مطلقاً، وعُزي ذلك إلى
عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وأبي داود السجستاني والإمام أحمد بن حنبل ـ رضي الله عنهم ـ وأنهم يرون ذلك أقوى من رأي الرجال، وهذا يحمل على الحديث الضعيف ضعفاً يسيراً، لا على الضعيف ضعفاً شديداً أو موضوعاً، وقالوا ذلك لأن الحديث الضعيف يحتمل الإصابة، حيث لم يعارضه شيء، وهذا يقوي جانب الإصابة في روايته فيعمل به.
قال الحافظ السيوطي ـ رحمه الله تعالى ـ:
((وقيل: يعمل به مطلقاً ـ أي الحديث الضعيف ـ وتقدم عزو ذلك إلى أبي داود وأحمد وأنهما يريان ذلك أقوى من رأي الرجال))
وقال أيضاً:
¥