[الشيخ العلامة المحدث محمد عبدالرزاق حمزة رحمه الله نبذة عن حياته وأخلاقه وعلمه]
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[05 - 07 - 05, 09:29 ص]ـ
-
إعداد: محمد بن أحمد سيد آحمد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن السابر لأغوار التاريخ، والمتعمق فيه يدرك أن تاريخنا الإسلامي حافل بالعلماء الأعلام، الذين أوقفوا حياتهم على طلب العلم وتعليمه، وتحملوا المتاعب والآلام، وتجشموا المصاعب والأخطار، في جمع شوارده واقتناص أوابده، واستنباط قوانينه وقواعده، وأنفقوا أثمن ما يملكونه من مال وجهد ووقت في سبيل هداية الخلق.
إن نشر تراجم العلماء، والتذكير بفضلهم، والتعريف بسير حياتهم وجهادهم من الأعمال التي تُذكر فتُشكر.
ذلك أن الكتابة عن العلماء وتسجيل سيرهم بعد رحيلهم يقيها عدوان النسيان مع تباعد الأزمان، إلى جانب ما يحصل من الخير والنفع العاجل والآجل، ومن ذلك أن الناس يقتدون بهم، ويحذون حذوهم، ويدعون لهم.
وإنه لجميل أن تعرف هذه الأمة للعلماء فضلهم، وتحفظ حقهم، وتجل قدرهم، وتنزلهم منازلهم اللائقة بهم، بوصفهم معالم هداها، ومصابيح دجاجها.
ومن هؤلاء العلماء الذين تسعد الأمة بهم وتتشرف بذكرهم العالم العامل، والمُحدِّث الثقة، والمفسر المتمكن، والأصولي المتبحر، الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة- رحمه الله.
مولده: ولد الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة في قرية كفر عامر التابعة لمركز بنها بمصر وينتهي نسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أي أنه من سلالة آل الرسول، وكان من خلقه وطبعه عدم ذكر شيء عن نسبه؛ لأن مبدأه وعقيدته التي عاشها طوال حياته أن الأنساب لا ترفع أحدًا وأن أكرم الناس عند الله أتقاهم، وشجرة نسبه تحتفظ بها أسرته.
وقد تربى في وسط ريفي بين أبوين كريمين، تغلب عليهما السماحة والوداعة، والبعد عن التعقيد، والصراحة في القول والعمل، وعدم التهرب من الواقع والحقيقة، وما إلى ذلك مما يفرضه الوسط الريفي القروي من خلال هي في جلمتها خير الخلال وأفضل السمات.
وكذلك كان الشيخ محمد عبد الرزاق- رحمه الله تعالى- في حياته وظل كذلك بعد أن انتقل إلى الحاضرة، وعاش في القاهرة بين صخب المدينة وزخرفة الحضارة، ومعاصرة أصحاب الترف في الطبقات (المترفة) مع هذا كله لم تتغير خصال الشيخ وانطباعاته، ولم يحد عن خلقه في السماحة والمسالمة والصراحة والتمسك بمكارم الأخلاق وصفات أهل الورع والتقوى.
دراسته وتحصيله: لقد تلقى المبادئ الأولى من القراءة والكتابة والقرآن الكريم في كُتَّاب القرية، وكانت تلك المبادئ إعدادًا لما بعدها من مراحل العلم وحقول المعرفة والتوسع في جوانب الدراسة الدينية والعربية والرياضية.
وكان الأزهر في أرض الكنانة هو حلم كل والد، وأمنية كل إنسان عنده ولد، فمتى بلغ الولد سن القبول في الأزهر، وتوفرت فيه الشروط المطلوبة في طلبته، كحفظ القرآن، ألحقه أبوه بالأزهر، وكان ذلك مفخرة له ولولده، فيتدرج الطالب في علوم الدين واللغة العربية، وما تتطلبه هذه العلوم من أصول وفروع، لتقوية الثقافة الإسلامية، وتضخيم رصيد الطلاب من المعرفة، حتى يصبح المتخرج فيه علاَّمة لا يشق له غبار في ميدانه، وكذلك كان الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة أحد أولئك الذين دخلوا الأزهر في عهد الشيخ سليم البشري، وكان مشايخ الأزهر في تلك الأيام فطاحل في المجال العلمي والتحقيق، وكان الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة فرعًا لتلك الأصول القوية، ومتقدمًا على أقرانه كما هو معروف بحضور البديهة، دؤوبًا على التحصيل والغوص في بحر المسائل العلمية العويصة وحلها بتحقيقه والإفادة منها.
التحاق الشيخ بدار الدعوة والإرشاد: كان الشيخ رشيد رضا- رحمه الله- قد أنشأ مدرسة باسم "دار الدعوة والإرشاد" لبعث الفكرة الإسلامية، وإحياء السنة المحمدية، وبث روح الدعوة الإسلامية في الملتحقين بها، وتكوين جماعة صالحة لنشر العقيدة السلفية الصحيحة في آراء مستقلة.
¥