تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" أعباءُ الفقهِ " لفتةٌ و وقفةٌ

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[12 - 07 - 05, 10:21 م]ـ

أعباءُ الفقه

يسعى كثيرون لتحقيق فضيلة (الفقه في الدين)، و يجهدون لنوالها، حيث جاءت بها النصوص مُبَيِّنَةً فضلها و مكانتها، و من ذلك قول سيدنا رسول الله _ صلى الله عليه و آله و سلم _: " مَن يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين " [رواه البخاري].

و السعايةُ في تحقيق ذلك ليست من الأمور ذوات السهولة و اليُسْر، و لا من الأعمال التي تُنال بالركون نحو الدَّعة، بل هي ذات أعباءٍ كبيرة، و ذات متاعب و إجهاد، و في بيان ذلك يقول ابنُ القيم _ يرحمه الله _ حالَ ذكره لاحتجاج الفقهاء بصحيفة عمروِ بن شعيب عن أبيه عن جده _ و إنما طعن فيها مَن لم يتحمَّل أعباء الفقه …. أ. هـ. " أعلام الموقعين " (1/ 35).

فراقَ لي بديعُ التعبير فأحببتُ أن أسيلَ حِبْر اليراع بإيضاحٍ لحقائق هذه اللفظة المُستكنَّة في ظلالها الوارفة.

بعد هاتيك التَّقْدُمة الآنفة فإنَّ من الضروريِّ علمُه أن أعباءَ الفقه نوعان:

الأول: عِبْءُ تأصيلٍ.

فإن تحصيل الفقه في شريعة الله وظيفة كبرى، و مهمة عُظمى، بذل النُّجباءُ مُهج أرواحهم في تحصيله، و نقدوا نفيس أوقاتهم في تحرير مسائله، فغدى سائراً فيهم سير الدم في العِرْق، و لم يكونوا _ قط _ يستشعرون سهولةً فيه، و لا خفةً في تلقيه، فإنهم كانوا عالمين بشدائده، عارفين بغوائله.

ذلك أنه يتخذُ مساراً دقيقاً، و مسلَكاً صعباً _ و لا يعني توصيف صعوبته التيئيس من تحصيله، و إنما الشأن توصيف حالٍ ليس إلا _، بخلاف غيره من فنون العلوم فإنه في نزولٍ عن دقته.

فالتأصيل الفقهي يُؤخذ عن طريقين:

الأولى: دراسةُ متنٍ فِقهيٍ، و تلكَ سابلةٌ معروفةٌ لدى المتفقِّهَةِ، إلا أنَّ لها نَهْجاً _ كسائرِ متون العلم _ حيثُ إنَّ المتون المقرَّر دراستُها في الفنون ترْتَكِزُ على ثلاثةِ أصولٍ:

الأصلُ الأوَّل: أن تكون مُعتمدةً في الفنِّ، يقول العلامةُ المَرْعَشِيُ _ رحمه الله _ " ترتيبُ العلوم " (ص / 80): … بل المنقولُ من سيَرهم، و المُتبَادَر من كلماتهم في مؤلفاتهم أنهم تناولوا متون الفنون المُعتبَرة، و هي مسائلها المشهورة. أ. هـ

الأصلُ الثاني: أن تكون جامعةً لمسائل الفن، و يؤخذُ ذلك من كلام المَرعشي _ السابق _.

الأصل الثالث: أن تكون مُختَصَرةً غيرَ مُطوَّلَةٍ.

و الدراسةُ للفقهِ عن طريقِ المتون الفقهيةِ أمتنُ من غيرها، لأسباب:

السبب الأول: أنها متون مُحقَّقَةٌ مُنَقَّحةٌ، فقد جرى على مسائلها بحثاً و دراسةً فقهاءُ كلِّ مذهب، فليستْ تأليفاً فَرْدياً في الجنوح بالاختيار، و ليست إلا أنها خُلاصةُ أبحاثٍ طويلةٍ للمسائل.

السببُ الثاني: أنها مُعتَنىً بها عنايةً تُوحي بقيمتها العلميَّة، فكمْ منْ: شارحٍ، ناظم، و مُحَشٍ، و مُتَمِّم، و مُدلِّلٍ، معلِّلٍ، و غير ذلك.

السبب الثالث: أنها أجمعُ للمسائلِ و أرْتبُ، فترى فيها ذكراً لأحكام المسألة على الترتيب الذي يَجمعُ للطالبِ فِقهها، فترى تقديم الشروط على الأركان، و الأركان على الواجبات، ثم يليها السُّنن، و ما إلى ذلك.

بخلافِ غيرِها فلا تجدِ فيها تلك الصَّنْعةِ الدَّقيقة.

و هذه الأسبابُ هي التي اختصَّتْ بها متون المذاهب الأربعة الشريفة _ الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي _، و أما غيرُها فليسَ فيها شيءٌ من تلكم المناقبِ، بلْ فيها من الآفاتِ ما هو كفيلٌ بردِّها.

الثانية: تقريرُ المسألة الفقهية، فإنَّ الفقهاءَ أخذوا في تقرير المسائل الفقهيةِ طريقةً مُحكمةً مُتقَنَةً، أتوا فيها على فروع المسألة و جُزئيَّاتها، و بها تبرأُ ذِمةُ المُكلَّف، و خلافُ ذِي لا يُستفادُ منها علماً و لا فقهاً.

فتقريرُ مسألةٍ عِباديَّةٍ لِتُضْبَط على وَفْقِ ما هو مُقرَّرٌ عند المذهب الفقهي المأخوذِ به تكون من جهاتٍ ستٍّ:

الجهةُ الأولى: شروطُ العبادة.

الجهةُ الثانية: أركان العبادة.

الجهةُ الثالثة: واجباتُ العبادة.

الجهة الرابعة: مُستحبات العبادة.

الجهةُ الخامسة: مُبطلاتُ العبادة.

الجهةُ السادسة: مَكروهاتُ العبادة.

ثُمَّ بعدَ ذلك يكون تحريرُ تلك الجهات السِّت من خلال مناحٍ أربعة:

الأولى: صُورةُ المسألةِ معَ حكمها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير