ولكن الذى لا شك فيه كذلك أن هؤلاء قلة فى تاريخ التصوف، وأن الأغلبية كانت من أولئك السلبيين المنعزلين، الذين يسعون إلى تزكية أنفسهم فى عزلة عن ركب الحياة ". (واقعنا المعاصر ص150)
وأكبر مثال على ذلك هو (الدولة العثمانية) - بغض النظر عما حصل لها من اهتراء في قرنها الأخير -
"فأما من حيث صدق الرغبة فى خدمة هذا الدين، وبذل الدماء والأموال فى سبيل ذلك، فإنا نجد فيهم من لا يقل عن مرتبة التابعين رضوان الله عليهم، وكان جهدهم فى الحقيقة امتدادا لجهد الصحابة والتابعين الذين حاولوا فتح القسطنطينية أول مرة على عهد الأمويين.
ويكفيهم فى ميزان الله أنهم توغلوا فى أوروبا الصليبية ما توغلوا، وفتحوا للإسلام ما فتحو من أراض وقلوب، فدخل الناس فى الإسلام بعشرات الملايين
ويكفيهم فى ميزان الله أنهم حموا العالم الإسلامى من غارات الصليبيين خمسة قرون متوالية، فلم يجرءوا أن يتجهوا مرة أخرى نحو الشرق للاستيلاء على بيت المقدس كما فعلوا أول مرة حتى زالت الدولة العثمانية من الوجود.
ويكفيهم فى ميزان الله أنهم حتى وهم فى النزع قدمنعوا قيام الدولة اليهودية على أرض الإسلام، ولم يتمكن شذاذ الآفاق من التجمع لإقامة دولتهم إلا بعد أن زالت دولة الخلافة من الوجود ..
كما أن احترامهم للعلم، وللعلماء من حملة هذا الدين، مما يحسب لهم كذلك فى ميزان الله.
ولكن هذا كله على ضخامته فى ميزان الله لا ينفى وجود انحرافات خطيرة سواء فى الدولة، أو فى حياة الأمة فى ظل الدولة .. آتت ثمارها السيئة على مرور الأيام". (واقعنا المعاصر ص152)
- حول الدعوى بان الإمام الغزالي رحمه الله كان مثبطاً عن الجهاد:
في كتاب (كي لا نمضي بعيدا عن احتياجات العصر / رسالة الإجابات صـ452ـ453) للشيخ سعيد حوى رحمه الله تعالى:
سؤال: لقد دافعت [المخطَاب هو الشيخ سعيد] عن الغزالي رحمه الله بالنسبة لإهماله الكلام عن الجهاد في (إحيائه) بانه ذكر أبحاث الجهاد حيث ينبغي أن تذكر – وهي كتب الفقه -، فوجد من رد عليك أن الغزالي تحدث في (إحيائه) عن الفقه؟
(ثم ذكر أن تربية الغزالي كانت عاملا من عوامل إضعاف روح الجهاد في الأمة).
الجواب: (الذي أقوله: إن الغزالي لم يتعرض في (الإحياء) لتفصيلات فقهية - إلا في الحدود التي يحتاجها الفرد – ولم يتعرض في (الإحياء) للقضايا التي هي من اختصاص الدولة (كالقضاء والقصاص والجهاد وإقامة الحدود ... ) لكنه تعرض لهذا في كتبه الفقهية، وهذا كتابه (الوجيز في الفقه) فإنك تجد فيه كلاماًً عن الجهاد (صـ186 ـ 205).
أما الحروب الصليبية فقد كانت مفاجأة في مرحلتها الأولى، ولو أنك قرأت (تاريخ ابن كثير) لرأيت أن ردة الفعل تجاهها؛ قد وجد حوالي (505 هـ) أي في العام الذي توفي فيه الغزالي.
ثم هو لم يكن في بلاد الشام وقتذاك على القول الراجح، فالمفروض أنه غادر بيت المقدس حوالي (490 هـ) بينما سيطر الصلبيون على القدس سنة (492هـ).
أما أن التربية (الغزالية) تضعف روح الجهاد، فهذا ليس صحيحاً، فالمعروف أنه بقدر ما يرتقي الإنسان قلبياً وروحياً؛ تكون استعداداته للتضحية في سبيل الله أكثر، وهذا القرآن – حكم الله عز وجل – عندما ذكر بيع النفس له وصف أهل ذلك بصفات من مثل التوبة والحمد قال تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم).
ثم وصف الذين يشرون أنفسهم فقال:
(التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين).
وكتاب (الإحياء) يرتقي بالإنسان في هذه المعاني كلها، واقرأ كلام الغزالي عن التوبة، والعبادة والطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنك لا تجد أقوى منه.
ثم إن الغزالي الذي ركز على الإخلاص والتوكل، والخوف من الله – عز وجل – لا يمكنأن يكون كلامه إلا لصالح الجهاد الخالص.
ولو أنك تأملت الحركات الجهادية التي قامت في العصور المتأخرة، فإنك تجد أكثرها كان متأثراً بالفكر الصوفي الفقهي:
فحركة الشيخ شامل النقشبندي في تركستان،
وحركة الشيخ سعيد الكردي في تركيا،
وحركة السنوسين في ليبيا،
وحركة الدراويش في السودان،
وحركة حسن البنا في مصر – وخارجها -، كل ذلك كان متأثراً بهذا النوع من التصوف). ا. هـ كلامه.
(كلام الشيخ هنا بأن الغزالي ترك بلاد الشام قبل دخول الصليبين، يتعارض مع ما ذكره الأخ الكريم ابن وهب من أن الإمام الغزالي كان محرضا على الجهاد، فيا حبذا لو أخبرتنا بمصدر كلامك)
والله أعلم ..
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 07 - 05, 11:43 م]ـ
لاشك ان لكثير من الحركات الصوفية تأثير سلبي على مسيرة الأمة
سواء في أمر الجهاد او الاعمار
وقد كان لبعض الصوفية دور في سقوط الدولة العثمانية وقد كان لهم دور في استمرار (الاحتلال والاستعمار)
وكذا في خمول الأمة بشكل عام
ودور في سقوط ديار المسلمين في تركستان ايام قيصر
ودور آخر مرة أخرى في سقوط تركستان بشقيه في يد الشيوعيين
بل تعدى ذلك الى العمالة للاعداء
حصل هذا في مصر والمغرب والجزائر وتونس وتركيا وسوريا
وفي واقعنا المعاصر هناك عدة أمثلة للخيانة والعمالة
وهذا أمر معروف وبعضه متواتر
ولم أرد الخوض في هذه المسألة
والله أمرنا بالعدل
وقد بينت فيما سبق ان هذا الأمر يحتاج الى فصل او كتاب
وانما ذكرت هذا الجانب لاني رايت من ينتصر للصوفية
فبينت جز ء من الحقيقة
وان في الكلام المنقول جزء من الحقيقة
أما الأخ الكريم السائل عن المصدر
فالمصدر - رعاك الله كتب التاريخ
ولااريد الخوض في المسألة
والا كان هذا الفصل من أكبر ما يكون
وكلامي واضح
فالمرجو النظر في الكلام وانا لم أقل ان له دور في طرد الصلبيين عن القدس
وانما كلامي أعم من ذلك
فليعلم
¥