تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وراقت فكرة هذه المدرسة للشيخ محمد عبد الرزاق فالتحق بها بعد تخريجه في الأزهر، للاستزادة من الثقافة الإسلامية المتطورة، المتمشية مع الكتاب والسنة، وذلك سنة (1340ه)، وكانت دراسته في هذه الدار باكورة اشتغاله بالسنة النبوية، والعكوف عليها عكوف العارف المتمكن، والعالم الذي له ملكة الاستنباط والمقارنة، ولامتيازه على زملائه طلاب دار الدعوة والإرشاد توثقت الصلة بينه وبين مدير الدار الشيخ رشيد رضا- رحمه الله- وصار من المتشبيعين بفكرته في التحرر من التقليد الأعمى دون معرفة الدليل للمسائل العلمية الدينية، والأخذ بهدي السنة المطهرة دون بحث عن رأي فقيه، أو التمذهب بمذهب ولو كان فيه مخالفة صريحة للسنة المطهرة، وهذا التقليد هو الذي ذمه حتى الأئمة الأربعة أنفسهم، وقد ثبت عنهم جميعًا قولهم مع اختلاف في الألفاظ: "إذا صح الحديث فهو مذهبي".

وفي دار الدعوة والإرشاد وعلى مقاعد الزمالة فيها تعرف الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة على الشيخ عبد الظاهر أبي السمح، الداعية إلى الله، والذي أوذي في الله لصلابته في التمسك بالحق، وشدة إنكاره على البدع ورواسب الوثنية، ولكنه خرج من كل ذلك مرفوع الرأس موفور الكرامة، وأحسن الله له المخرج من بينهم، فاختير لإمامة المصلين بالمسجد الحرام أمام الكعبة المشرفة، خير بقاع الدنيا.

وكانت معرفة الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة بالشيخ عبد الظاهر أبي السمح بدار الدعوة والإرشاد معرفة قوية ثم توثقت العلاقات بالمصاهرة بينهما.

نشاط الشيخ محمد عبد الرزاق في القاهرة:

لم يطل أمد انتظام الشيخ محمد عبد الرزاق في مدرسة دار الدعوة والإرشاد، إذ قامت الحرب العالمية الأولى وتأزمت الأمور، وانقطعت المساعدات المالية التي كانت تُمَوّل المدرسة من جانب حكام مصر، تشجيعًا منهم وتقديرًا للخطوة الموفقة التي خطتها، وكانوا يرجون من ورائها الإصلاح ونشر العلم.

وأخيرًا توقفت المدرسة، إلا أنها تركت أثرًا صالحًا في طلبتها، فأصبحوا دعاة إلى فكرتها، وأنصارًا للإصلاح الذي كانت تهدف إليه من تصحيح العقائد، وتنوير الأذهان، لأخذ الدين من معينه الصافي الوحيين: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

هذا ولم تنقطع صلات الشيخ محمد عبد الرزاق بمؤسس دار الدعوة والإرشاد الشيخ رشيد رضا، وأخذ يلازمه في إدارة مجلته الإسلامية "المنار"، وكان الشيخ رشيد رحمه الله يعهد إليه بتحقيق بعض الكتب الإسلامية، التي تطبع في مجلة المنار لنشر الوعي الإسلامي ومحاربة البدع والخرافات كما كان- أي الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة- يوالي نشر مقالات هادفة في بعض المجلات التي تُعنى بالناحية الأخلاقية ومحاربة الفساد كمجلة مكارم الأخلاق المصرية.

علاقته بجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر: كانت للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله أوثق الصلات بجماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة ممثلة في رئيسها ومؤسسها فضيلة الشيخ العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله وكانت بينهما صلات قوية تنبئ عن عمق العلاقة الأخوية والدعوية للشيخين الجليلين رحمهما، كما أن المكاتبات والمراسلات العلمية بينهما تنبئ أيضًا عن عمق هذه العلاقة ومتانتها، كما كان للشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله إسهامات علمية مباركة في مجلة الهدي النبوي تبرهن على قوة صلة الشيخ بجماعة أنصار السنة المحمدية التي تؤدي دورًا فاعلاً في الساحة الإسلامية داخليًا وخارجيًا.

انتقاله إلى الحجاز: وفي عام 1344 قصد الشيخان الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة والشيخ عبد الظاهر أبو السمح مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وكان الملك عبد العزيز آل سعود (ملك الحجاز وسلطان نجد كما كان لقبه يومئذ) حاجًا فاتصلا به مع العلماء القادمين من العالم الإسلامي، وتكررت اللقاءات معه فعرف الكثير عن نشاطهما وقيامها بالدعوة السلفية في مصر، وعرض عليها الانتقال إلى مكة المكرمة والمدينة النبوية لإمامة الحرمين الشريفين والقيام بخطابة الجُمع والتدريس فيهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير