فصل: فإن لم يترك ابن الملاعنة ذا سهم فالمال لعصبة أمه في قول الجماعة وقد روي ذلك عن علي وقال أبو حنيفة وأصحابه هو بين ذوي الأرحام كميراث غيره ورووه عن علي عليه السلام وذلك مثل: خال وخالة وابن أخ وأخته المال للذكر وفي قول أبي حنيفة هو بينهما في المسألتين نصفين: خالة لأب وأم وخال لأب المال للخال وقال أبو حنيفة هو للخالة خالة وبنت بنت المال بينهما على أربعة وإذا لم يخلف ابن الملاعنة إلا ذا رحم فحكمهم في ميراثه كحكمهم في ميراث غيره على ما تقدم شرحه
فصل: وإذا قسم ميراث الملاعنة ثم أكذب الملاعن نفسه لحقه الولد ونقصت القسمة وقال أبو حنيفة لا يلحق النسب بعد موته إلا أن يكونا توأمين مات أحدهما وأكذب نفسه والآخر باق فيلحقه نسب الباقي والميت معا وقد مضى الكلام معه في غير هذا الموضع
فصل: ولو كان المنفي باللعان توأمين ولهما ابن آخر من الزوج لم ينفه فمات أحد التوأمين فميراث توأمه منه كميراث الآخر في قول الجمهور وقال مالك يرثه توأمه ميراث ابن لأبوين لأنه أخوة لأبويه بدليل أن الزوج لو أقر بأحدهما لحقه الآخر وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي رضي الله عنه
ولنا أنهما توأمان لم يثبت لهما أب ينتسبان إليه فأشبها توأمي الزاينة ولا خلاف في توأمي الزانية وفارق هذا ما إذا استحلق أحدهما لأنه يثبت باستلحاقه أنه أبوه
فصل: قولهم أن الأم عصبة ولدها أو إن عصبتها عصبته إنما هو في الميراث خاصة كقولنا في الأخوات مع البنات فعلى هذا لايعقلون عنه ولا يثبت لهم ولاية التزويج ولا غيره وهذا قول الأكثرين وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال لألياء المرجومة في ولدها: هذا ابنكم يرثكم ولا ترثونه وإن جنى فعليكم وروي هذا عن عبد الله وإبراهيم
ولنا أنهم إنما ينتسبون إليه بقرابة الأم فلم يعقلوا عنه ولم يثبت لهم ولاية التزويج كما لو علم أبوه ولا يلزم من التعصيب في الميراث التعصيب في العقل والتزويج بدليل الأخوات مع البنات فأما إن أعتق ابن الملاعنة عبدا ثم مات المولى وخلف أم مولاه وأخا مولاه احتمل أن يثبت لهما الإرث بالولاء لأن التعصيب ثابت وحكي ذلك عن أبي يوسف وهل يكون للأم أو للأخ؟ على الروايتن ويحتمل أن لا يثبت لهما ميراث لأن النساء لا يرثن من الولاء إلى من أعتقن أو أعتق من أعتقن فكذلك من يدلي بهن وما ذكرناه للاحتمال الأول يبطل بالأخوات مع البنات وبمن عصبهن أخوهن من الإناث
فصل: في ميراث ابن ابن الملاعنة إذا خلف أمه وأم أبيه وهي الملاعنة فلأمه الثلث والباقي لها بالرد وهذا قول علي وعلى الرواية الأخرى الباقي لأم أبيه لأنها عصبة أبيه وهذا قول ابن مسعود ويعايل بها فيقال جدة ورثت مع أم أكبر منها وإن خلف جدتيه فالمال بينهما بالفرض والرد على قول علي وفي ابن مسعود السدس بينهما فرضا وباقي المال لأم أبيه أم أم وخال أب لأم الأم السدس وفي الباقي القولان: أحدهما: أنه لها بالرد والثاني: لخال الأب وفي قول علي الكل للجدة خال وعم وخال أب وأبو أم أب المال للعم لأنه أبو الملاعنة فإن لم يكن عم فلأبي أم الأب لأنه أبوها فإن لم يكن فلخال الأب فإن لم يكن فللخال لأنه ذو رحمة بنت وعم للبنت النصف والباقي للعم وفي قول علي الكل للبنت لأنه يقدم الرد على توريث عصبة أمه بنت وأم وخال المال بين البنت والأم على أربعة بالفرض والرد ولا شيء للخال لأنه ليس بعصبة الملاعنة ولو كان بدل الخال خال أب كان الباقي لأنه عصبة الملاعنة فأما ابن ابن ابن الملاعنة فإذا خلف عمه وعم أبيه فالمال لعمه لأنه عصبته وهذا ينبغي أن يكون إجماعا وقد قال بعض الناس يحتمل أن يكون عم الأب أولى لأنه ابن الملاعنة وهذا غلط بين لأن العصبات إنما يعتبر أقربهم من الميت لا من آبائه وإن خلف ثلاث جدات متحاذيات فالسدس بينهن والباقي رد عليهن في إحدى الروايتين وهو قول علي وفي الثانية لأم أبي ابيه وهو قول ابن مسعود وإن خلف أمه وجدته وجدة أبيه فلأمه الثلث ولا شيء لجدته وفي الباقي روايتان: إحداهما: يرد على الأم والثانية: لجدة أبيه وإن خلف خاله وخال أبيه وخال جده فالمال لخال جده فإن لم يكن فلخاله ولا شيء لخال أبيه فأما ولد بنت الملاعنة فليست الملاعنة عصبة لهم في قول الجميع لأن لهم نسبا معروفا من جهة أبيهم وهو زوج بنت الملاعنة ولو أعتقت بنت الملاعنة عبدا ثم ماتت ثم مات المولى وخلف أم مولاته ورثت مال المولى لأنها عصبة لبنتها والبنت عصبة لمولاها في أحد الوجهين وقد ذكرناهما وقد ذكرناهما في ابن الملاعنة
فصل حكم ميراث ولد الزنا كالحكم في ولد الملاعنة
فصل: والحكم في ميراث ولد الزنا في جميع ما ذكرنا كالحكم في ولد الملاعنة على ما ذكرنا من الأقوال والإختلاف إلا أن الحسن بن صالح قال: عصبة ولد الزنا سائر المسلمين لأن أمه ليست فراشا بخلاف ولد الملاعنة والجمهور على التسوية بينهما لانقطاع نسب كل واحد منهما من أبيه إلا أن ولد الملاعنة يلحق الملاعن إذا استلحقه وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور وقال الحسن و ابن سيرين يلحق الواطىء إذا أقيم عليه الحد ويرثه وقال إبراهيم يلحقه إذا جلد الحد أو ملك الموطوءة وقال إسحاق يلحقه وذكر عن عروة و سليمان بن يسار نحوه وروى علي بن عاصم عن ابي حنيفة أنه قال: لا أرى بأسا إذا زنا الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها والولد ولد له وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش فادعاه آخر أنه لا يلحقه وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: [الولد للفراش وللعاهر الحجر] ولأنه لا يلحق به إذا لم يستلحقه فلم يلحق به بحال كما لو كانت أمه فراشا أو كما لو لم يجلد الحد عند من اعتبره)
¥