تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه الإيمان: {وقال حنبل: حدثنا الحميدي قال: وأخبرت أن ناساً يقولون: من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئًا حتى يموت، ويصلي مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه إذا كان مقراً بالفرائض واستقبال القبلة، فقلت: هذا الكفر الصُّرَاح، وخلاف كتاب اللّه وسنة رسوله وعلماء المسلمين، قال اللّه تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) الآية. وقال حنبل: سمعت أبا عبد اللّه أحمد بن حنبل يقول: من قال هذا فقد كفر باللّه، ورد على أمره وعلى الرسول ما جاء به عن اللّه}.

يوجد في كلام الإمامين الحميدي وأحمد رحمهما الله اختلاف في موضعين بين كتاب السنة للخلال وكتاب الإيمان لابن تيمية رحمهما الله.

الموضع الأول في قوله " أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة" كما عند الخلال، جاءت عند ابن تيمية بلفظ "ويصلي مستدبر القبلة"، فالأولى بأو والثانية بالواو - وبقيت الاختلاف لا يؤثر -.

أما بالنسبة لرواية أو فإنها لأحد الشيئين، فيقع الحكم بالكفر على حالتين.

أما على الواو فإنها لمطلق الجمع، فيحتمل أن الجمع بين وصفين اتصف بهما شخص واحد، أو أن الجمع لوجود شخصين اتصفا بوصفين مختلفين فتوافِق معنى أو، وعلى كلا المعنيين يصح حمل الكلام كما سيأتي إن شاء الله فلا يؤثر هذا الاختلاف.

الموضع الثاني في قوله "إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه" كما عند الخلال، جاءت عند ابن تيمية بلفظ "إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه"، فالذي يظهر أن المعنى الصحيح هو ما في كتاب الإيمان عند ابن تيمية، إذ المعنى الذي عند الخلال غير تام.

إذا تبين هذا فسأذكر معنى الموضعين على أنهما وصفان منفصلان وإذا صح المعنى فيهما وهما منفصلان صح المعنى وهما مجتمعان في شخص واحد.

أما الحالة الأولى فيتبين المعنى بملاحظة أن قوله:"إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه" عائد على قوله: "من أقر بالصلاة والزكاة ... " كما أنه عائد على قوله: "أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة"، فيكون المعنى أن قوماً يقولون: [من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئًا حتى يموت بشرط أن يكون علم أن تركه ذلك فيه إيمانه فهو مؤمن] فقل لي بالله عليك أيبقى مع هذا دين؟ بمعنى آخر رجل يقول: [كل من ترك من الدين شيئاً أو ترك وفعل ما يخالفه ويناقضه كاستدبار القبلة فله ذلك بل هو مؤمن، أبحجة أنه جاهل؟ لا، ولكن لأنه علم أن ذلك الترك فيه إيمانه]. فانظر كيف أسقط حق التشريع لله بهذه الفتوى الجائرة، وهذا باب الزندقة.

أما الحالة الثانية وهي قوله: "أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت" فهذا حاله حال المستهزئ بالدين، مع ما فيه من معنى الحالة الأولى، فكيف بحال من حكم لمثل هذا بالإيمان؟!

هذا ما ظهر لي. والله تعالى أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير