تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْفَرَاغِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالِاسْتِبْرَاءِ , بِخِلَافِ الشِّرَاءِ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ مَعَ الشَّغْلِ. فَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الشِّرَاءِ مُطْلَقًا , وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فِي نِكَاحِ الْمُزَنِيَّةِ , وَالْكَلَامُ هَاهُنَا فِي الشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ مِنْ التَّمَلُّكَاتِ فَلَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ أَصْلًا. وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ فَإِذَا جَازَ وَطْؤُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ صَحَّ مَعَ تَحَقُّقِ الزِّنَا فَجَوَازُهُ مَعَ احْتِمَالِهِ أَوْلَى لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ ; لِأَنَّ مُجَرَّدَ احْتِمَالِ الزِّنَا لَوْ كَانَ مُجَوِّزًا لِلْوَطْءِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ لَارْتَفَعَ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي بَابِ تَمَلُّكِ الْجَارِيَةِ بِالْكُلِّيَّةِ , إذْ احْتِمَالُ الزِّنَا غَيْرُ مُنْتَفٍ فِي كُلِّ جَارِيَةٍ مَمْلُوكَةٍ , وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا جَازَ وَطْؤُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ فِي صُورَةِ النِّكَاحِ مَعَ تَحَقُّقِ الزِّنَا فَجَوَازُهُ مَعَ احْتِمَالِهِ أَوْلَى فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لَا يَتِمُّ التَّقْرِيبُ كَمَا لَا يَخْفَى. وَالثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي دَفْعِ النَّقْضِ بِالْجَارِيَةِ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ لِشَغْلٍ مُحَقَّقٍ , وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ حِلِّ وَطْئِهَا لِذَلِكَ عَدَمُ حِلِّهِ لِشَغْلٍ مُحْتَمَلٍ. إنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ كَانَ الِاحْتِرَامُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِمَاءٍ مُحْتَرَمٍ قَيْدًا لِتَوَهُّمِ الشَّغْلِ فَقَطْ لَا لِمَجْمُوعِ حَقِيقَةِ الشَّغْلِ وَتَوَهُّمِ الشَّغْلِ مَعًا. وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِلْمَجْمُوعِ. وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْهُ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ قَبْلُ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ ثَابِتَ النَّسَبِ: وَهُوَ أَيْ احْتِرَامُ الْمَاءِ سَوَاءٌ اشْتَغَلَ بِهِ الرَّحِمُ حَقِيقَةً أَوْ تَوَهُّمًا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْهُ ثَابِتَ النَّسَبِ انْتَهَى. فَإِذَا كَانَ قَيْدًا لِلْمَجْمُوعِ يَرِدُ النَّقْضُ بِالْجَارِيَةِ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّ رَحِمَهَا مُشْتَغِلٌ حَقِيقَةً بِمَاءٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ مَعَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا أَيْضًا. وَالرَّابِعُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ وَطْئِهَا لَيْسَ لِاحْتِرَامِ الْمَاءِ بَلْ لِئَلَّا يَسْقِيَ مَاؤُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِمَّا لَا حَاصِلَ لَهُ هَاهُنَا , فَإِنَّ مَدَارَ النَّقْضِ الْمَذْكُورِ عَلَى عَدَمِ احْتِرَامِ الْمَاءِ فِي الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا حَيْثُ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْجَارِيَةِ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا أَيْضًا مَعَ عَدَمِ احْتِرَامِ الْمَاءِ فِيهَا فَانْتَقَضَ بِهَا التَّقْيِيدُ بِمَاءٍ مُحْتَرَمٍ عَكْسًا. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ وَطْئِهَا لَيْسَ لِاحْتِرَامِ الْمَاءِ فِيهَا لَا يَدْفَعُ النَّقْضَ بَلْ يُؤَيِّدُهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْإِرَادَةَ أَمْرٌ مُبْطَنٌ فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى دَلِيلِهَا وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ فِي بَيَانِ هَذَا: فَإِنَّ صَحِيحَ الْمِزَاجِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْهُ أَرَادَهُ. وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ حَيْثُ قَالَ: فِيهِ بَحْثٌ , فَإِنَّ غَيْرَ صَحِيحِ الْمِزَاجِ مَمْنُوعٌ أَيْضًا عَنْ الْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ. وَقَالَ: وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُتَمَكِّنَ مِنْهُ يُرِيدُهُ. وَالتَّمَكُّنُ إنَّمَا يَثْبُتُ إلَخْ , وَالْمُرَادُ مِنْ التَّمَكُّنِ هُوَ التَّمَكُّنُ الشَّرْعِيُّ انْتَهَى. أَقُولُ: كُلٌّ مِنْ إيرَادِهِ وَمَا اخْتَارَهُ لَيْسَ بِتَامٍّ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ كَوْنَ غَيْرِ صَحِيحِ الْمِزَاجِ مَمْنُوعًا أَيْضًا عَنْ الْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ مَمْنُوعٌ , فَإِنَّ غَيْرَ صَحِيحِ الْمِزَاجِ عَاجِزٌ عَنْ الْوَطْءِ , وَالْمَنْعُ عَنْ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ; أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لَأَنْ يُقَالَ الْأَعْمَى مَمْنُوعٌ عَنْ النَّظَرِ إلَى الْمُحَرَّمَاتِ. وَعَنْ هَذَا قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ فِي بَيَانِ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ ; لِأَنَّ الشَّارِعَ نَهَى عَنْ الْوَطْءِ , وَالنَّهْيُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عِنْدَ تَمَكُّنِ الْوَطْءِ وَالتَّمَكُّنُ لِلْمُشْتَرِي ; لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَمَلِّكُ لَا عَلَى الْبَائِعِ ; لِأَنَّهُ مُعْرِضٌ انْتَهَى. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ كَيْفَ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ التَّمَكُّنِ هَاهُنَا هُوَ التَّمَكُّنُ الشَّرْعِيُّ , وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّمَكُّنَ الشَّرْعِيَّ مِمَّا هُوَ مُحَرَّمٌ شَرْعًا غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ , وَالْوَطْءَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ مُحَرَّمٌ قَطْعًا , وَلَا شَكَّ أَنَّ عِلَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَلِيلُهَا أَيْضًا مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ , وَالْمَفْرُوضُ أَنَّهُ هُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ , فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ التَّمَكُّنِ هُوَ التَّمَكُّنُ الشَّرْعِيُّ دُونَ التَّمَكُّنِ الطَّبَعِيِّ لَزِمَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْمُحَرَّمِ الشَّرْعِيِّ تَمَكُّنًا شَرْعِيًّا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَحْذُورِ تَأَمَّلْ)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير