مَكَّةَ , فَرَأَى امْرَأَةً فَاجِرَةً يُقَال لَهَا عَنَاقٌ , فَدَعَتْهُ إلَى نَفْسِهَا , فَلَمْ يُجِبْهَا , فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: أَنْكِحُ عَنَاقًا؟ فَلَمْ يُجِبْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {: الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}. فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَا عَلَيْهِ الْآيَةَ , وَقَالَ: لَا تَنْكِحْهَا}. وَلِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُقِيمَةً عَلَى الزِّنَا لَمْ يَأْمَنْ أَنْ تُلْحِقَ بِهِ وَلَدًا مِنْ غَيْرِهِ , وَتُفْسِدَ فِرَاشَهُ. فَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ , فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتَتَابَهَا. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ , وَلَا تَعَرُّضَ لَهُ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ عِدَّةَ الزَّانِيَةِ كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ ; لِأَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لَحُرَّةٍ , فَأَشْبَهَ عِدَّةَ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ. وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى , أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضِهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نِكَاحٍ وَلَا شُبْهَةِ نِكَاحٍ , فَأَشْبَهَ اسْتِبْرَاءَ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا عَتَقَتْ. وَأَمَّا التَّوْبَةُ , فَهِيَ الِاسْتِغْفَارُ وَالنَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الذَّنْبِ , كَالتَّوْبَةِ مِنْ سَائِرِ الذُّنُوبِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: كَيْف تُعْرَفُ تَوْبَتُهَا؟ قَالَ: يُرِيدُهَا عَلَى ذَلِكَ , فَإِنْ طَاوَعَتْهُ فَلَمْ تَتُبْ , وَإِنْ أَبَتْ فَقَدْ تَابَتْ. فَصَارَ أَحْمَدُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ اتِّبَاعًا لَهُ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ , فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَمُسْلِمٍ أَنْ يَدْعُوَ امْرَأَةً إلَى الزِّنَى , وَيَطْلُبَهُ مِنْهَا. وَلِأَنَّ طَلَبَهُ ذَلِكَ مِنْهَا إنَّمَا يَكُونُ فِي خَلْوَةٍ , وَلَا تَحِلُّ الْخَلْوَةُ بِأَجْنَبِيَّةٍ , وَلَوْ كَانَ فِي تَعْلِيمِهَا الْقُرْآنَ , فَكَيْفَ يَحِلُّ فِي مُرَاوَدَتِهَا عَلَى الزِّنَى , ثُمَّ لَا يَأْمَنُ إنْ أَجَابَتْهُ إلَى ذَلِكَ أَنْ تَعُودَ إلَى الْمَعْصِيَةِ , فَلَا يَحِلُّ لِلتَّعَرُّضِ لِمِثْلِ هَذَا , وَلِأَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ سَائِرِ الذُّنُوبِ , وَفِي حَقِّ سَائِرِ النَّاسِ , وَبِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ الْأَحْكَامِ , عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ , فَكَذَلِكَ يَكُونُ هَذَا.
فَصْلٌ: وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطَانِ حَلَّ نِكَاحُهَا لِلزَّانِي وَغَيْرِهِ , فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ , مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ , وَعُمَرُ , وَابْنُهُ , وَابْنُ عَبَّاسٍ , وَجَابِرٌ , وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , وَطَاوُسٌ , وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ , وَعَطَاءٌ , وَالْحَسَنُ , وَعِكْرِمَةُ , وَالزُّهْرِيُّ , وَالثَّوْرِيُّ , وَالشَّافِعِيُّ , وَابْنُ الْمُنْذِرِ , وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ , وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ , وَعَائِشَةَ , أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلزَّانِي بِحَالٍ , قَالُوا: لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ مَا اجْتَمَعَا ; لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ مَا كَانَ قَبْلَ التَّوْبَةِ , أَوْ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا , فَيَكُونُ كَقَوْلِنَا. فَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يَصِحُّ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى {: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}. وَلِأَنَّهَا مُحَلَّلَةٌ لِغَيْرِ الزَّانِي , فَحَلَّتْ لَهُ , كَغَيْرِهَا.)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[07 - 07 - 05, 07:27 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=44176#post44176
ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[07 - 07 - 05, 08:59 ص]ـ
لكن إذا حملت الزوجة بعد الزواج هل ينسب الإبن لأبيه؟
المشكلة أنه يتعذر أن يعرف هل هذا الحمل كان من الزنى أم من الجماع بعد الزواج.
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[07 - 07 - 05, 11:08 ص]ـ
إذا كانت المزني بها ليست فراشا لزوج آخر أو سيد، فللزاني أن يستلحق الولد الذي من الزنا وينسب إليه ويكون كسائر أولاده في الإرث والمحرمية، على ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وقد أمر عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أبا سفيان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وغيره أن يستلحقوا أولادا لهم كانوا من زنا في الجاهلية بمن لسن فراشا
وأما حديث الولد للفراش فهذا فيمن زنى بزوجة غيره، أو أمة غيره
ـ[محمد محمود الشنقيطى]ــــــــ[07 - 07 - 05, 03:37 م]ـ
إخوتى الأفاضل حياكم الله
والله إن الإنسن - وخاصةطالب العلم - ليفرح عندما يرى
هذه النقول الجميلة والإحالات القويمة مما يجعله يتأكد
أن الخير متصل
ولكن هل نفهم من مجموع هذه النقول أن زواج هذا الرجل
صحيح
¥