تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(إن الحق الذي لا شك فيه الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان شامل للقول والعمل مع الاعتقاد، وذلك ثابت في أحاديث صحيحة كثيرة) ().

-اعلم أن المتقرر عند أهل السنة والجماعة هو تلازم عمل الجوارح الظاهرة وأعمال القلوب الباطنة لا يمكن تصور وجود أحدهما دون الآخر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى:7/ 221): "والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه" أ. هـ، وبهذا صرح أئمة الدين وحكوه عقيدة لأهل السنة، أذكر عدداً ممن قرر ذلك:

1 - قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله كما نقله شيخ الإسلام في (الفتاوى: 7/ 171) مقراً له أنه سئل عن الإيمان ما هو؟ فقال: "هو قول ونية وعمل وسنة؛ لأن الإيمان إذا كان قولاً بلا عمل فهو كفر، وإذا كان قولاً وعملاً بلا نية فهو نفاق، وإذا كان قولاً وعملاً ونية بلا سنة فهو بدعة".وانظر (الإبانة:2/ 814)

2 - قال أبو طالب المكي رحمه الله كما نقله شيخ الإسلام (الفتاوى: 7/ 333):" الإيمان والإسلام أحدهما مرتبط بالآخر فهما كشيء واحد، لا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، إذ لا يخلو المسلم من إيمان به يصح إسلامه – ولا يخلو المؤمن من إسلام به يحقق إيمانه من حيث اشترط الله للأعمال الصالحة الإيمان ; واشترط للإيمان الأعمال الصالحة؛ فقال في تحقيق ذلك:) فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه (وقال في تحقيق الإيمان بالعمل:) ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجت العلى (. فمن كان ظاهره أعمال الإسلام ولا يرجع إلى عقود الإيمان بالغيب فهو منافق نفاقاً ينقل عن الملة، ومن كان عقده الإيمان بالغيب ولا يعمل بأحكام الإيمان وشرائع الإسلام فهو كافر كفراً لا يثبت معه توحيد ; ومن كان مؤمنا بالغيب مما أخبرت به الرسل عن الله عاملاً بما أمر الله فهو مؤمن مسلم … فلا إيمان إلا بعمل ولا عمل إلا بعقد. ومَثَلُ ذلك مَثَلُ العمل الظاهر والباطن أحدهما مرتبط بصاحبه من أعمال القلوب وعمل الجوارح. ومثله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:) إنما الأعمال بالنيات (؛ أي لا عمل إلا بعقد وقصد، لأن [إنما] تحقيق للشيء ونفي لما سواه؛ فأثبت أن جماعة ممن لا يسع رد قولهم من الأئمة حكوا الإجماع أن الإيمان بلا عمل لا يصح ولا يجزئ أو نسبوه لأهل السنة وفقهاء الملة

بذلك عمل الجوارح من المعاملات، وعمل القلوب من النيات. فمثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من اللسان لا يصح الكلام إلا بهما؛ لأن الشفتين تجمع الحروف، واللسان يظهر الكلام، وفي سقوط أحدهما بطلان الكلام، وكذلك في سقوط العمل ذهاب الإيمان).

3 - قال أبو جعفر الطبري (تهذيب الآثار- مسند ابن عباس:2/ 685) وذكر من حيث الأثر أحاديث مرسلة عن النبي صلى الله عليه وسلم) أن الإيمان قول وعمل (فقال:

" فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن اسم الإيمان المطلق، إنما هو للمعرفة بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح، دون بعض ذلك.

وأما من النظر: مما لا يدفع صحته ذُو فطره صحيحة، وذلك الشهادةُ لقول قائل قال قولاً أو وَعَد عِدَةً، ثم أنجز وعده، وحقَّق بالفعل قولَه: "صدَّق فلانٌ قولَه بفعلِه".

ولا يدفعُ مع ذلك ذو معرفة بكلام العرب، صحة القول بأن الإيمان التصديقُ. فإذا كان الإيمان في كلامها التصديق، والتصديق يكونُ بالقلب واللسان والجوارح، وكان تصديق القلب العزم والإذعان، وتصديق اللسان الإقرار، وتصديق الجوارح السَّعي والعمل؛ كان المعنى الذي به يستحق العبد المدحَ والولاية من المؤمنين، هو إتيانه بهذه المعاني الثلاثة.

وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أنه لو أقر، وعمل على غير علم منه ومعرفة بربه، أنه لا يستحق اسم مؤمن. وأنه لو عرف وعلم وجحد بلسانه وكذَّب وأنكر ما عرف من توحيد ربه، أنه غير مستحق اسم مؤمن. فإذا كان ذلك كذلك، وكان صحيحاً أنه غيرُ مُستحقٍ غيرُ المُقِر اسمَ مؤمن، ولا المُقِرُّ غير العارف مستحق ذلك، كان كذلك غير مستحق ذلك بالإطلاق: العارف المُقِر غير العامل، إذ كان ذلك أحد معاني الإيمان التي بوجود جميعها في الإنسان يستحق اسم مؤمن بالإطلاق".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير