أهم الشبه التي يستدل بها الصوفية لتجويز الشرك عياذاً بالله مع الرد
ـ[العوضي]ــــــــ[30 - 08 - 05, 11:10 ص]ـ
احتج الصوفية لتجويز توسلهم الشركي بحديث الضرير الذي رواه عثمان بن حنيف أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: «إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذاك فهو خير» وفي رواية: «وإن شئت صبرت فهو خير لك»، فقال ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: «اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى لي، اللهم فشفعه في وشفعني فيه» قال ففعل الرجل فبرأ. [انظر تحفة الأحوذي 10/ 32]
هذا الحديث هو أعظم حجة عندهم وقد استدل به: محمد بن علوي المالكي في «مفاهيم يجب أن تصحح (52)»، ودحلان في «الدرر السنية» ص8، والنبهاني في «الأنوار المحمدية (604)». والعزامي في «البراهين الساطعة (349». قالوا: وهذا الحديث صريح في أمره صلى الله عليه وسلم لذوي الحاجات بالتوسل به، وندائه في مغيبه وفي حياته، وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وقد فهم منه الصحابة ذلك.
وقالوا: فالتوسل والتشفع والاستغاثة كلها بمعنى واحد وليس لها في قلوب المؤمنين معنى إلا التبرك بذكر أحباء الله تعالى لما ثبت أن الله يرحم العباد بسببهم سواء كانوا أحياء أو أمواتاً.
الرد على استدلالهم بهذا الحديث:
لو نظرنا إلى هذا الحديث وفهمنا معناه الفهم الصحيح سنرى أنه لا حجة فيه للمتصوفة وغيرهم الذين استدلوا به على جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأولياء بل الحديث دليل على التوسل المشروع بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو التوسل بدعائه؛ وذلك لأنه لو كان التوسل بذات النبي كاف بدون التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم لما جاء ذاك الصحابي الجليل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الدعاء، وإنما لاكتفى بتوسله بذات النبي صلى الله عليه وسلم والتوجه إليه بالدعاء والاستغاثة كما يفعله المتصوفة هذا اليوم، وعلى هذا فالحديث دليل عليهم لا لهم كما وهم المتصوفة والقبوريون عامة، ويظهر هذا جلياً من خلال النقاط التالية:
1 - قول الأعمى: «ادع الله أن يعافيني»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم مجيباً له: «إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت وهو خير». وقول الأعمى: «فادعه»، فيه دليل واضح وصريح أن الأعمى ما جاء إلا من أجل أن يدعو له الرسول صلى الله عليه وسلم.
2 - قول الأعمى: في آخر الدعاء الذي علمه إياه الرسول صلى الله عليه وسلم: «اللهم شفعه في» دليل واضح على أنه طلب الدعاء، وشفاعة الرسول تكون بدعاء الشافع للمشفوع له؛ فدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له، والأعمى يطلب من الله قبول دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم.
3 - قول الأعمى في دعائه: «اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم» المراد به: أتوسل إليك بدعاء نبيك، بحذف المضاف، وهذا أمر معروف في اللغة، كقوله تعالى: (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) أي أهل القرية، وأصحاب العير، ونحن ومخالفونا متفقون على ذلك.
4 - لو حمل حديث الضرير على التوسل بالذات لكان معطلاً لقوله فيما بعد: «اللهم فشفعه في، وشفعني فيه»، وهذا لا يجوز، فثبت المراد، وبطل الاستدلال به على التوسل بالذات المحمدية. والحمد لله.
ثم إنا نقول: لو نظرنا إلى حديث الأعمى فإننا لا نجد فيه ولو لفظاً واحداً من قريب أو بعيد فيه إشارة إلى جواز التوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم رأساً بالدعاء والاستغاثة كما رأينا في الأبيات السابقة التي يتوجه فيها المتصوفة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وعلى هذا فنقول: إن حديث الأعمى في الحقيقة ليس نصاً في محل النزاع، وإنما هو شيء خارج عنه، فإن نزاعنا مع المتصوفة الذين يدعون الأنبياء والأولياء ليس في التوسل فحسب بنوعية المشروع والممنوع، وإنما نزاعنا معهم هو في التوجه بالدعاء والاستغاثة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والأولياء الذي يفعلونه يومياً ويسمونه توسلاً مع أنه ليس كذلك، بل هو دعاء واستغاثة عياذاً بالله من الشرك.
[هذا اشهر حديث يستدلون به، وهناك لهم شبه أخرى أقل من هذه، وهي كثيرة ليس هذا موطن الرد عليها، ولمن أراد الاطلاع عليها مع الرد عليها فعليه بمراجعة كتب أهل السنة في هذا الباب، ومنها: «قاعدة في التوسل والوسيلة» لشيخ الإسلام ابن تيمية، «التوصل إلى حقيقة التوسل» للرفاعي، «التوسل: أنواعه وأحكامه» للألباني، «غاية الأماني» للألوسي، «أنواع أحكام التوسل» لعبدالله الأثري].
حكم التوجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء والاستغاثة:
لقد اعتبر العلماء أن التوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء والاستغاثة شركاً أكبر مخرج من الملة -عياذاً بالله- وممن نقل أقوال العلماء وحكم الشرك مع هذه العقيدة:
شيخ الإسلام ابن تيمية في «الرسالة ضمن مجموعة التوحيد (119)» و «التوسل والوسيلة» (ص136وص154 وص70 وص122)، و «الرسالة السنية» نقلاً عن «تيسير العزيز الحميد» (ص338). وابن القيم: في «مدارج السالكين» (1/ 346) و «إغاثة اللهفان» (1/ 102). وابن عبدالهادي في «الصارم المنكي» (ص351). وعبدالله القصيمي في «الصراع بين الوثنية والإسلام» (ص309 - 310). ومحمد صديق حسن خان في «الدين الخالص» (ص26) «وفي فتح البيان» (4/ 225). والشوكاني في «الدر النضيد» (ص33) وفي «شرح الصدور» (ص71). د/رشيد رضا في «المنار (9/ 507،510).
نقلا عن موقع (فرق)
¥