تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

26 – قال الحافظ 6/ 291) على حديث رقم (3194) قوله: (فهو عنده فوق العرش)، قيل: معناه دون العرش، وهو كقوله تعالى: " بعوضة فما فوقها " والحامل على هذا التأويل استبعاد أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش، ولا محذور في إجراء ذلك على ظاهره؛ لأن العرش خلق من خلق الله. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: " فهو عنده " أي ذكره أو علمه، فلا تكون العندية مكانية، بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفيًا عن الخلق مرفوعًا عن حيز إدراكهم ".

قال الشيخ البراك: ما نقله الحافظ في شرح هذا الحديث تخبط الحامل عليه نفي علو الله بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فإن من ذهب إلى ذلك من الأشاعرة وغيرهم ينفون عن الله عز وجل عندية المكان، فليس بعض المخلوقات عنده دون بعض لأنه تعالى بزعمهم في كل مكان فلا اختصاص لشيء بالقرب منه، فلذا يتأولون كل ما ورد مما يدل ظاهره على خلاف ذلك؛ كقوله تعالى: "إن الذين عند ربك وكقوله في هذا الحديث: " فهو عنده فوق العرش"، فجرهم الأصل الفاسد إلى مثل هذه التأويلات المستهجنة التي ذكرها الحافظ وتعقب بعضها، وأهل السنة المثبتون للعلو والاستواء يجرون هذا الحديث وأمثاله على ظاهره، وليس عندهم بمشكل، فهذا الكتاب عنده فوق العرش، والله فوق العرش كما أخبر به سبحانه عن نفسه، وأخبر به أعلم الخلق به ?.

27 – قال الحافظ 6/ 292 على حديث رقم (3194): قال: " والمراد من الغضب لازمه، وهو إرادة إيصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب، لأن السبق والغلبة باعتبار التعلق، أي تعلق الرحمة غالب سابق على تعلق الغضب، لأن الرحمة مقتضى ذاته المقدسة، وأما الغضب فإنه متوقف على سابق عمل من العبد الحادث ".

قال الشيخ البراك قوله: " المراد من الغضب لازمه .... إلخ ": صرف للفظ عن ظاهره من غير دليل يوجب ذلك، والموجب لذلك عند من تأوله هو امتناع حقيقة الغضب في حق الله تعالى؛ لأن ذلك بزعمهم يستلزم التشبيه. وبهذه الشبهة نفى الأشاعرة كثيرًا من الصفات، ونفى الجهمية المعتزلة جميع الصفات.

ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات الغضب والرحمة وأنهما صفتان قائمتان بالله كسائر الصفات الذاتية والفعلية. ولا يستلزم شيء من ذلك مشابهته للمخلوق كما يقول الأشاعرة مثل ذلك في الصفات السبع التي يثبتونها. ولذلك يلزمهم أن يقولوا في سائر الصفات التي ينفونها نظير قولهم فيما أثبتوه.

والغضب الذي يفسر بأنه غليان دم القلب طلبًا للانتقام هو غضب المخلوق، وليس غضب الخالق كغضب المخلوق، وبهذا يتبين أنه لا موجب لتأويل الغضب بالإرادة أو العقوبة. ويلزم المتأول فيما تأوله نظير ما فر منه؛ إذ القول في الإرادة كالقول في الغضب.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[30 - 12 - 05, 02:51 م]ـ

28 – قال الحافظ 6/ 299 على حديث رقم (3199) قال: " قال ابن العربي: أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن، وتأوله قوم على ما هي عليه من التسخير الدائم، ولا مانع أن تخرج عن مجراها فتسجد، ثم ترجع. قلت: إن أراد بالخروج الوقوف فواضح، وإلا فلا دليل على الخروج، ويحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من الملائكة، أو تسجد بصورة الحال، فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين ".

قال الشيخ البراك: قوله: " قال ابن العربي: .... إلخ": دل القرآن على مثل ما دل عليه حديث أبي ذر من سجود الشمس؛ وذلك في قوله تعالى: "ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب"، كما دلت الآية على أن سجود هذه المخلوقات غير دلالتها بلسان الحال وصورة الحال على ربوبيته تعالى؛ إذ لو كان سجودها هو دلالتها على الخالق سبحانه أو تسخيرها وانقيادها للقدرة لما خص ذلك بكثير من الناس ونفاه عن كثير- وهم الذين حق عليهم العذاب - فإن الدلالة على الخالق سبحانه والانقياد لقدرته حاصلتان في جميع الناس وجميع المخلوقات، فالواجب إثبات سجود الشمس وما ذكر معها في الآية، وأنه سجود حقيقي يناسب هذه المخلوقات ولا يعلم العباد كيفيته، فإنكاره رد لما أخبر الله به ورسوله، وصرفه عن ظاهره لا موجب له، ولا دليل عليه، فإن هذه المخلوقات لها شعور بالعبودية لله تعالى تسبح وتسجد وتؤوب وتخشى كما قال تعالى: "وإن منها لما يهبط من خشية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير