تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حقيقي يُسمِعه إذا شاء لمن شاء من عباده، وهذا موجب مذهب الأشاعرة في كلام الله سبحانه، وهو أن معنى كلام الله: معنى نفسي، ليس بحرف ولا صوت فلا يتصور سماعه منه، وهو ظاهر الفساد.

112 – (13/ 388 - 389) قال الحافظ: "وليس بجارحة ولا كالوجوه التي نشاهدها من المخلوقين .... ولو كانت صفة من صفات الفعل لشملها الهلاك كما شمل غيرها من الصفات وهو محال".

وذلك في كلامه في كتاب التوحيد، باب 16.

قال الشيخ البراك: دلّت الآية والحديث في هذا الباب على أن لله تعالى وجهًا، وأهل السنة والجماعة يثبتون ذلك ويقولون: لله تعالى وجه حقيقة لا كوجوه العباد موصوف بالجلال والإكرام وبالنور، وعلى هذا فما نقله الحافظ عن ابن بطال ظاهره جيد لولا قوله: "ليس بجارحة" فإن أهل السنة لا يطلقون لفظ الجارحة لا نفيًا ولا إثباتًا؛ لأن ذلك لم يرد، ولما فيه من الاحتمال والإجمال.

وأما تفسير الوجه بالذات؛ فإن أريد به أنه عبَّر بالوجه عن الذات مع إثبات حقيقة الوجه، وأنه من صفات الذات فلا مانع من ذلك، وإن أريد به نفي حقيقة الوجه، فهذا مذهب المعطلة نفاة الصفات. وصفة الوجه لله هي من الصفات التي يتفق على نفيها الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، وأهل التأويل منهم يفسرون الوجه بالذات كما تقدم أو الثواب، وهذا من التأويل المذموم الذي حقيقته تحريف الكلم عن مواضعه؛ إذ ليس لهذا التعطيل والتأويل من حجة صحيحة.

وانظر التعليق (47)

113 – (13/ 390) قال الحافظ: " قال ابن المنير: وجه الاستدلال على إثبات العين لله تعالى ... وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم، لا على معنى إثبات الجارحة".

وذلك في كلامه على حديث رقم 7407، و 7408، كتاب التوحيد، باب 17.

قال الشيخ البراك: استدل البخاري بالآيتين والحديث على إثبات العين لله تعالى، وأهل السنة والجماعة يثبتون عينين لا تشبهان أعين المخلوقين، كقولهم في سائر الصفات، ويستدلون لذلك بمثل قوله تعالى:"تجري بأعيننا" وبحديث الدجال.

ووجه الاستدلال أن تنزيه الله تعالى عن العور في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن ربكم ليس بأعور" يدل على إثبات العينين لله تعالى وسلامتهما؛ فإن العور هو عمى إحدى العينين، لا عدم العين، خلافًا لما قاله ابن المنير في بيانه لوجه الاستدلال؛ حيث قال: "العور عرفًا عدم العين، وضد العور ثبوت العين".

وأما قوله: "وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم لا على معنى إثبات الجارحة": فمعناه نفي حقيقة العين عن الله تعالى، وهذا هو مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من الأشاعرة.

ولفظ الجارحة لا يطلقه أهل السنة لا نفيًا ولا إثباتًا؛ لأنه من الألفاظ المجملة المبتدعة، فلا يقولون: إن عينه جارحة، أو ليست جارحة. والنافون لحقيقة العين منهم من يفسرها بالبصر كأهل التأويل، ومنهم من لا يتعرض لها بتأويل بل يثبت اللفظ من غير فهم لمعناه، وهم أهل التفويض.

114 – (13/ 390) قال الحافظ: " قال: ولأهل الكلام في هذه الصفات – كالعين والوجه واليد – ثلاثة أقوال، أحدها: أنها صفات ذات أثبتها السمع و لا يهتدي إليها العقل".

وذلك في كلامه على حديث رقم 7407، و 7408، كتاب التوحيد، باب 17.

قال الشيخ البراك: الصواب من الأقوال الثلاثة التي حكاها ابن المنير هو القول الأول، ويتفق معه ما نقله الحافظ عن السهروردي، ومن بعده.

وأما القول الثاني والثالث فهما مذهب التأويل وأهل التفويض - كما تقدمت الإشارة إليهما- وأنهما مذهبان للنفاة.

115 – (13/ 390) قال الحافظ: "قال ابن بطال: احتجت المجسمة بهذا الحديث، وقالوا في قوله: (وأشار بيده إلى عينه) دلالة على أن عينه كسائر الأعين، وتعقب باستحالة الجسمية عليه؛ لأن الجسم حادث وهو قديم؛ فدل على أن المراد نفي النقص عنه" انتهى.

وذلك في كلامه على حديث رقم 7408، كتاب التوحيد، باب 17.

قال الشيخ البراك: قوله: "وأشار بيده إلى عينه": أي الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يخفى عليكم؛ إن الله ليس بأعور" هو نظير لما جاء في سنن أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قرأ هذه الآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... [إلى قوله تعالى] إن الله كان سميعًا بصيرًا} قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه ... " [أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب (19) في الجهمية، ح 4728]، وهذه الإشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة المثبتين للعين، والسمع، والبصر، لبيان إرادة الحقيقة؛ فهو يسمع حقيقة ويبصر حقيقة، وكذلك له عين حقيقة، وكل ذلك على ما يليق به ويختص به سبحانه، لا يماثل في شيء من ذلك صفات المخلوق، وهذا هو الواجب في جميع ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم. ومثل هذه الإشارة ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يقبض يديه ويبسطهما لما ذكر أن الله تعالى يأخذ السماوات بيديه، وأن الله تعالى يقبض يديه ويبسطهما ويقول: "أنا الملك ... " الحديث، ومعلوم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد أن القبض والبسط من الله تعالى مثل قبضه صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وبسطه ليديه، وإنما أراد بيان أن الله يقبض يديه ويبسطهما حقيقة، وأما من لم يثبت العينين، ولا اليدين لله تعالى، فلا بد أن يتأول هذه النصوص بتأويلات تخرجها عن ظاهرها، أو يمسك عن تدبرها معتقدًا أنه لا سبيل إلى فهمها. وهي طريقة أهل التفويض من النفاة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير