تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عليه، أما علم هذا القائل أن لفظة "شيخ الإسلام" تحتمل وجوها من معاني الكلام" وقال الإمام العلامة الذهبي في حق شيخ الإسلام ابن تيمية: "الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد، المفسر البارع شيخ الإسلام، علم الزهاد، نادرة العصر، تقي الدين أبو العباس أحمد ابن مفتي شهاب الدين عبد الحليم ابن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن القاسم الحراني، أحد الأعلام، ولد في ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة، ثم ذكر عمن أخذ ثم قال: "وعني بالحديث، ونسخ الأجزاء، ودار على الشيوخ وخرج، وانتقى وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه، وفي علوم الإسلام وعلم الكلام وغير ذلك. وكان من بحور العلم من الأذكياء المعدودين والزهاد الأفراد، والشجعان الكبار، والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف، وسارت بتصانيفه الركبان، لعلها ثلاث مائة مجلد". قلت: اللهم إلا الكوثري والسبكي وابنه، والدحلان تكلموا فيه حسدا وعدوانا، وبغضا فأنت حسيبهم.

وأما الحديث الذي زعم الكوثري عدم صحته، وهو حديث نسبة الصوت إلى الله تعالى، فإذا كان الرجل ينكر أن يكون هذا القرآن هو كلام الله تعالى ووحيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعم أنه مخلوق، فكيف بهذا الحديث المبارك الذي صح عند جماهير أهل الحديث؛ منهم الحافظ الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى وإن كان ليس على شرطه في الجامع الصحيح، فقد أورده رحمه الله في جامعه معلقا في موضعين في كتاب العلم، وفي كتاب التوحيد، وأخرجه بإسناده في كتاب الأدب المفرد، وأخرجه أيضا الإمامان الجليلان أحمد بن حنبل، وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما، وأخرجه أيضا الحافظ تمام الرازي في فوائده، وأخرجه أيضا الإمام ابن أبي عاصم النبيل "أحمد بن عمرو" في كتاب العلم، والحافظ الإمام الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وأخرجه أيضا الإمام نصر المقدس في كتابه الحجة، والخطيب البغدادي في رسالته الرحلة في طلب الحديث؛ كلهم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل بن جابر رضي الله تعالى عنه، وهذا نصه: عن جابر عن عبد الله بن أنس رضي الله تعالى عنهما قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر العباد يوم القيامة عراة، غرلا، بُهْمًا" قال قلنا: وما بهما؟ قال: "ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من قرب ومن بعد، أنا الملك، أنا الديان." ثم ذكر الحديث بطوله، وتكلم عليه الحافظ في الفتح في الموضعين، وعبد الله بن محمد بن عقيل وإن كان اختلف في الاحتجاج بأحاديثه كما حكى ذلك الحافظ في الفتح، إلا أنه توبع بمتابعة تامة، تابعه محمد بن المنكدر، عن جابر وهو في مسند الشاميين للإمام أبي القاسم الطبراني.

وله طريق ثالث أخرجها الخطيب البغدادي في طلب الحديث من طريق أبي الجارود العبسي، وصحح الحافظ ابن حجر هذا الحديث بقوله في الفتح بعد أن قال: "وأصل الاحتجاج للنفي الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين، لأنها التي عهد أنها ذات مخارج، ولا يخفى ما فيه، إذ الصوت قد يكون من غير مخارج كما أن الرؤية قد تكون من غير اتصال أشعة كما سبق، ولكن تمنع القياس المذكور، صفات الخالق لا تقاس على صفة المخلوقين، وإذا ثبت الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به". قلت: ومن هنا كانت دعوى الشيخ الكوثري كاذبة المائة في المائة، أو مجازفة قبيحة، وقد جمع العلامة أبو الحسن بن الفضل جزءا مهما في أحاديث الصوت، أشار إليها الحافظ في الفتح، فلو وجدت لكانت قاصمة الظهر للمنكر؛ وأما قول الحافظ: "إذ الصوت قد يكون من غير مخارج" فنعم فهو صحيح. قال الله تعالى في محكم كتابه في حق السماء والأرض: {فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} فهذا خطابه جل وعلا للسماء والأرض، وأمره لهما وهما مخلوقان جامدان لا مخارج لها في الحس، مع أنهما أجابا ربهما بقولهما {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} فإذا كان المخلوق الجامد يسمع منه الصوت بدون مخارج معهودة، فكيف الخالق جل جلاله، وبهذا المعنى ثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه سمع صوت الجذع، أي جذع النخلة عندما فارقها إلى المنبر الخشبي الذي صنع له صلى الله عليه وسلم. قال الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير