تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالقول بأن الأصل في أعمال المسلم أن تحمل على الإسلام قول باطل، بل يجب الحكم على عمل المسلم بما حكم به الله ورسوله، فإن عمل مكفراً ينقل عن الدين حكم بكفره، وإن عمل مكفراً لا ينقل عن الملة فالحكم بما حكم به الله ورسوله، وإن فعل فسقاً فسق كقول الله تعالى في القاذف: ((وأولئك هم الفاسقون)).

ثانياً: قول سماحة المفتي: "والمسلم يعتقد أيضاً أن العبادة لا يجوز صرفها إلا لله وحده، والمشرك يعتقد جواز صرفها لغير الله تعالى فإذا رأينا مسلماً يصدر منه لغير الله ما يحتمل العبادة وغيرها وجب حمل فعله على ما يناسب اعتقاده كمسلم لأن من ثبت له عقد الإسلام بيقين لم يزل عنه بالشك والاحتمال"

هذا الكلام ليس على إطلاقه لأن فيه التسوية بين العالم والجاهل وبين المتأول وغيره وبين من قامت عليه الحجة ومن لم تقم عليه الحجة، وبين من ينكر معلوماً من الدين بالضرورة، ومن ينكر أمراً خفياً في الدين، وبين المتأول وغيره، فإن من ينكر معلوماً من الدين بالضرورة فهو كافر قد أجمعت الأمة على كفره، ومن سب الله أو رسوله أو دين الإسلام أو يستهزئ بشيء من الدين فقد كفر، ولا يرفع عنه الكفر كونه مازحاً أو يقول بلسانه ما ليس بقلبه كما قال تعالى: ((قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم .. )) الآية، فكل من وقع منه الكفر بعد انتفاء موانعه أو تحقق شروطه فهو كافر.

ثالثاً: إنتفاء الحكم عن معين فعل مكفراً لتأول أو جهل أو إكراه لا ينفي أن يكون العمل الذي ارتكبه كفراً، فإن كل عمل حكم الله تبارك وتعالى أو رسوله بأنه كفر وجب اعتقاد ذلك والحكم به، وإن كان من يقع منه الكفر جهلاً أو تأولاً أو إكراهاً لا يكون كافراً، فالسجود لغير الله كفر، وصرف شيء من العبادة التي اختص الله بها نفسه لغيره شرك، ونفي ما أثبته الله لنفسه أو وصف الله تبارك وتعالى بما لم يصف به نفسه كل هذا من الكفر وإن كان بعض من يفعله لا يكون كافراً لجهل أو تأويل أو إكراه.

وسماحة المفتي أطلق وجوب نفي الكفر عن المسلم مهما عمل من أعمال الكفر وألا يظن به إلا الحق ما دام مسلماً، وإن فعل ما هو كفر بمجرده كسبَّ الله أو سب رسوله، أو صرف عبادة من العبادات التي لا تجوز إلا لله سبحانه وتعالى.

رابعاً: قول سماحة المفتي: "فإذا ما حصل خلاف بعد ذلك في بعض أنواع الوسيلة كالتوسل بالصالحين والدعاء عند قبورهم مثلاً أو حصل خطأ فيها من بعض المسلمين فيما لم يشرع كونه وسيلة كالسجود للقبر أو الطواف به، فإنه لا يجوز أن ننقل هذا الخطأ أو ذلك الخلاف من دائرة الوسيلة إلى دائرة الشرك والكفر، لأننا نكون بذلك قد خلطنا بين الأمور وجعلنا التعظيم لله كالتعظيم مع الله"

أخرج سماحته أعمال الشرك والكفر التي تقع من المسلمين وجعلها من باب الوسائل وأنها لا تكون شركاً إذا فعلها المسلم، وهذا غير صحيح من وجوه كثيرة فإن الوسيلة التي أمرنا الله بها هي ما شرعه لعباده من وجوه التقرب، أما ما حكم الله بأنه شرك وكفر فليس وسيلة للتقرب إليه، بل سبب لسخطه وغضبه وعقابه، فمن جعل دعاء غيره دعاء عبادة أو سجد لغيره أو ذبح لغيره أو صرف شياً من العبادة التي اختص الله بها نفسه فهو مشرك.

والله سبحانه وتعالى لم يجعل الشرك وسيلة للتقرب إليه كما قال تعالى: ((ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباًً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) وقال: ((ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ... )) الآية.

فالله سبحانه وتعالى لا يُتوسل إليه إلا بما يرضيه وارتضاه لعباده من الأقوال والأعمال والاعتقاد، والشرك به ليس وسيلة إليه، فمن عبد غير الله من الملائكة، أو الرسل، أو الأولياء فقد أشرك وتعرض لسخط الله وعقابه، وإن كان من كان كما قال تعالى: ((ولقد أُوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)) وقال تعالى: ((لا تجعل مع الله إلهاً آخراً فتقعد مذموماً مخذولاً) وقال: ((ولا تجعل مع الله إلهاً آخر فتلقى في جهنم ملوماً مدحوراً)) وقال عن أنبيائه ورسله المكرمين الذين عددهم في سورة الأنعام: ((ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير