تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد ما تبين أنه يقوم على فكرة غريبة عن الإسلام، هي: الفناء. الفناء عن الأوصاف البشرية، والبقاء بالأوصاف الإلهية، أو الفناء عن البشرية، والبقاء بالإلهية ذاتا؟.

بعد ما تبين أنه لا يقوم على الزهد، ولا على الفقر، ولا علاقة له بالصوف .. مع أن الزهد، والفقر، ولبس الصوف ليس دالا على التزام تعاليم الإسلام في كل حال؟.

إن توثيق بعض الناس للتصوف يدفع إليه أحد أمرين:

- إما خطأ في فهم حقيقة التصوف. فيُعتقد لأجله صحته .. وهو خطأ يرده البحث العلمي.

- وإما مقصد دعوي محض. فيُعتقد بطلان التصوف، لكن يراد تصحيحه من الداخل، بقسمته إلى: سني، وفلسفي. وقبول الموصوف بالسني منه.

فأما الأول، فقد تقدم الكلام عنه، وأما الثاني: فهو من باب الحكمة في الدعوة والإصلاح.

ولا يخفى أن الحكمة هي التي يكون عنها الأثر الحسن، فإن كان الأثر سيئا، فحينئذ لا حكمة، بل فتنة ..

فعلى أي أساس بنى أصحاب هذا الاتجاه رأيهم في أنه الحكمة؟.

الواضح أنه بني على أساس منع الصدمة؛ فإن النفوس تضجر من صدمتها بالحق، فتعرض، فهي تحتاج إلى: ملاينة، ومداراة، وسياسة. حتى لا تكره، فتشرد. فالمنتسبون إلى التصوف يحسبون ما هم عليه هو الدين القويم، فليس من السهل تركه إذن.!.

وإذا كانت النقولات عن أئمتهم قد تضمنت: التنبيه على التقيد بالكتاب والسنة .. إذن، فلم لا نصحح التصوف من هذه الجهة؟ ..

فيعلن أن ما قاله الأئمة من وجوب التقيد بالكتاب والسنة هو: التصوف الصحيح، وما عداه باطل.

وبذلك تستنقذ جموع من المتصوفة، بجذبهم إلى الحق، دونما اصطدام قد جُرّب، فاكتوت الأمة به.

وهذا تعليل وجيه، لو وقفنا عند الآثار الحسنة لهذا الرأي، دون النظر فيما قد يكون من أثر سيء عنه.

فالرافض لهذا الرأي له أن يقول: إن الآثار السيئة لهذه الطريقة بادية، فمنها:

1 - إعطاء التصوف شهادة براءة من كل ما نسب إليه؛ ومشايخ الطرق لا يطمعون في أكثر من هذا، فإنه ما من انحراف إلا تبرءوا منه وقالوا: ليس هذا تصوفنا. فتبقى البراءة، ويبقى الانحراف .. !!.

2 - تشجيع عوام المتصوفة على البقاء في التصوف، فإذا كان منه الحسن والموافق للشريعة، فلم يخرجون منه؟!، والمهم هنا: أن الحسن عندهم هو ما تلقوه عن مشايخهم، فحسب .. ؟!!.

3 - تشجيع غير المتصوفة على اعتناق التصوف، فما دام منه الحسن والموافق للشريعة، وهو عين التوحيد، فلم لا يلتحق به الناس .. وكيف يتركون لب التوحيد وعينه وهم قادرون عليه؟!.

4 - التذبذب في المواقف: فبالأمس كان يُقرر بطلان التصوف، واليوم انقلب توثيقا، بمبالغة .. !!. هكذا يقال .. وقد يتسبب هذا في فقدان الثقة، وعدم الاطمئنان مستقبلا لأصحاب هذا الرأي.

فإذا حصلت المقارنة بين آثار القولين، فأيهما الذي سيرجح حينئذ .. ؟.

يحصل الجواب لبعض الناس من أول نظرة، وآخرون في حاجة إلى تأمل .. والعقل الصحيح يهتدي.

لكن قد يقول أصحاب الاتجاه الأول: إذا فرضنا أن الآثار السيئة أغلب، فكيف إذن لنا أن نوضح الحق للمتصوفة، مع ضمان عدم نفورهم؟.

فجواب الفريق الثاني: الحق لا يقوم له شيء، وكل بعيد عنه، وهو يتمناه ويرجوه، فلا بد أن يقترب منه، ويأتي إليه يوما ما، كما يأتي الظمآن إلى الماء، ولو كان في المكان الوعر، يأتيه بكل رغبة ورضا.

ومن أسباب حصول هذا الخير: ثبات أصحاب الحق عليه، وعدم التنازل عن شيء منه، ولو أحدث ذلك ألما، فإن العاقبة للحق، والأصل في الحق: أن يعلن كما هو، مع اللين، واللطف، والحسنى. فإن كان ثمة ضرورة فقد أذن الشرع في السكوت حينا، وإبلاغ بعض الحق، وتأخير بعضه، حتى يفهم الناس.

ولا بد أن نفرق بين مسلك يؤخر بيان الحق حينا، تدرجا في التعليم، ومسلك يتسبب في ضياع الحق، وعدم الاهتداء إليه، وذلك متوقع وحاصل عند تزكية كل فكر ثبت انحرافه؛ فإن في ذلك عونا على ترسيخه، وزيادة أنصاره، وضرر هذا أكبر من فائدة إصلاح ذلك الفكر من الداخل.

* * *

وبعد: فما سبق كانت مشاركة مني لما تفضل به الشيخ الدكتور عبد العزيز القارئ حفظه الله وأعلى نزله، ولم يكن القصد مناقشته، فالرأي الذي دعا إليه، لا يتمثّل فيه وحده، بل يشاركه فيه جمع من الفضلاء.

أسال الله تعالى أن يهب لنا قلوبا مطمئنة، ونفوسا راضية، وعلما نافعا، وعملا صالحا .. والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا، وعلى آله وصحبه. والحمد لله رب العالمين.

لطف الله خوجه

الأستاذ المساعد بقسم العقيدة بجامعة أم القرى

5/ 4/1246هـ

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 - 05 - 05, 11:53 ص]ـ

إن الواقع ليشهد بضلال المتصوفة المعاصرين .. فلو سلم التقسيم، فلا نرى الآن إلا قسما واحدا قد ضل عن سواء السبيل .. ونجدهم أقرب لفرق الغناء الاستعراضي .. نفس الرقصات .. نفس الآلات .. بل نجد الفرق المعلنة بالفسق أكثر خجلا و اعتدالا من هؤلاء المغتطرسين الراقصين على النغمات القبيحة .. عاملهم الله تعالى بما يستحقون .. آمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير