تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أشهر مصنفاته: (بداية المجتهد) في الفقه، و (الكليات) في الطب، و (مختصر المستصفى) في الأصول، ومؤلفات أخرى كثيرة في الفلسفة، اهتم فيها بتلخيص فكر فلاسفة اليونان، فألف: كتاب (جوامع كتب أرسطوطاليس)، وكتاب (تلخيص الإلهيات) لنيقولاوس، كتاب (تلخيص ما بعد الطبيعة) لأرسطو، ولخص له كتبا أخرى كثيرة يطول سردها، حتى عرف بأنه ناشر فكر أرسطو وحامل رايته، وذلك ما أدى به في نهاية المطاف إلى العزلة، فقد هجره أهل عصره لما صدر منه من مقالات غريبة، وعلوم دخيلة.

قال شيخ الشيوخ ابن حمويه:

لما دخلت البلاد، سألت عن ابن رشد، فقيل: إنه مهجور في بيته من جهة الخليفة يعقوب، لا يدخل إليه أحد، لأنه رفعت عنه أقوال ردية، ونسبت إليه العلوم المهجورة، ومات محبوسا بداره بمراكش.

يمكن مراجعة سيرته في " سير أعلام النبلاء " (21/ 307 - 310)

ثانيا:

قد طال الجدل حول حقيقة عقائد ابن رشد، وكثرت المؤلفات ما بين مؤيد ومعارض، واضطربت الأفهام في تحديد عقائده ومذاهبه.

ولضيق المقام ههنا عن الدراسة المفصلة لعقائد ابن رشد، سنكتفي بذكر بعض المآخذ المجملة التي كانت مثار جدل في مؤلفاته:

1 - تأويل الشريعة لتوافق الفلسفة الآرسطية:

لعل الاطلاع على ترجمة ابن رشد الموجزة السابقة كاف للدلالة على هذه التوجهات الفكرية لدى ابن رشد، فقد أُخِذَ بفكر أرسطو، حتى قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " هو من أتبع الناس لأقوال آرسطو " انتهى. " بيان تلبيس الجهمية " (1/ 120)، وحاول جاهدا شرحه وبيانه وتقريره للناس بأسلوب عربي جديد، وهو - خلال ذلك - حين يرى مناقضة فكر أرسطو مع ثوابت الشريعة الإسلامية، يحاول سلوك مسالك التأويل البعيدة التي تعود على الشريعة بالهدم والنقض، وكأن فلسفة أرسطو قرين مقابل لشريعة رب العالمين المتمثلة في نصوص الكتاب والسنة، ولذلك كتب كتابه المشهور: " فصل المقال في تقرير ما بين الشريعة والحكمة من الاتصال ".

2 - اعتقاده بالظاهر والباطن في الشريعة:

يقول ابن رشد:

" الشريعة قسمان: ظاهر ومؤول، والظاهر منها هو فرض الجمهور، والمؤول هو فرض العلماء، وأما الجمهور ففرضهم فيه حمله على ظاهره وترك تأويله، وأنه لا يحل للعلماء أن يفصحوا بتأويله للجمهور، كما قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله " انتهى.

" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/99) طبعة مركز دراسات الوحدة العربية.

وقد استغرق ابن رشد في تقرير هذه الفكرة الباطنية في كتبه، حتى إنه جعل من أبرز سمات الفرقة الناجية من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنها هي " التي سلكت ظاهر الشرع، ولم تؤوله تأويلا صرحت به للناس " انتهى. " الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/150).

ولذلك توسع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرد على خصوص كلام ابن رشد في هذا الكتاب، وبيان بطلان التفسير الباطني لنصوص الشريعة، وذلك في كتابيه العظيمين: " بيان تلبيس الجهمية "، ودرء تعارض العقل والنقل.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" وابن سينا وأمثاله لما عرفوا أن كلام الرسول لا يحتمل هذه التأويلات الفلسفية؛ بل قد عرفوا أنه أراد مفهوم الخطاب: سلك مسلك التخييل، وقال: إنه خاطب الجمهور بما يخيل إليهم؛ مع علمه أن الحق في نفس الأمر ليس كذلك. فهؤلاء يقولون: إن الرسل كذبوا للمصلحة. وهذا طريق ابن رشد الحفيد وأمثاله من الباطنية " انتهى.

" مجموع الفتاوى " (19/ 157).

3 - مال في باب " البعث والجزاء "، إلى قول الفلاسفة أنه بعث روحاني فقط، بل وقع هنا في ضلالة أعظم من مجرد اعتقاده مذهب الفلاسفة في البعث الروحاني؛ حيث جعل هذه المسألة من مسائل الاجتهاد، وأن فرض كل ناظر فيها هو ما توصل إليه. قال:

" والحق في هذه المسألة أن فرض كل إنسان فيها هو ما أدى إليه نظره فيها " انتهى.

" الكشف عن مناهج الأدلة " (ص/204)

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" وأولئك المتفلسفة أبعد عن معرفة الملة من أهل الكلام:

فمنهم من ظن أن ذلك من الملة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير