تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 07 - 05, 01:05 ص]ـ

بابٌ الخَوْفُ مِنَ الشِّرْكِ

قوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به):

قال رحمه الله تعالى:

قوله: (إن الله لا يغفر أن يشرك به).

فالشرك لا يغفره الله أبداً، لأنه جناية على حق الله الخاص، وهو التوحيد.

أما المعاصي، كالزنى والسرقة، فقد يكون للإنسان فيها حظ نفس بما نال من شهوة.

أما الشرك، فهو اعتداء على حق الله تعالى، وليس للإنسان فيه حظ نفس، وليس شهوة يريد الإنسان أن ينال مراده، ولكنه ظلم، ولهذا قال الله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم) [لقمان: 13].

وهل المراد بالشرك هنا الأكبر، أم مطلق الشرك؟.

قال بعض العلماء:

إنه مطلق يشمل كل شرك لو أصغر، كالحلف بغير الله، فإن الله لا يغفره.

أما بالنسبة لكبائر الذنوب، كالسرقة والخمر، فإنها تحت المشيئة، فقد يغفرها الله.

وشيخ الإسلام ابن تيمية المحقق في هذه المسائل اختلف كلامه في هذه المسألة:

فمرة قال: الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر.

ومرة قال: الشرك الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر.

وعلى كل حال فيجب الحذر من الشرك مطلقاً، لأن العموم يحتمل أن يكون داخلاً فيه الأصغر، لأن قوله: (أن يشرك به) أن وما بعدها في تأويل مصدر، تقديره: إشراكاً به، فهو نكرة في سياق النفي، فتفيد العموم.

(ج1/ 114)

----

قوله: (أن نعبد الأصنام).

والأصنام: جمع صنم، وهو ما جعل على صورة إنسان أو غيره يعبد من دون الله.

أما الوثن: فهو ما عبد من دون الله على أي وجه كان.

وفي الحديث: "لا تجعل قبري وثناً يعبد"، فالوثن أعم من الصنم.

(ج1/ 116)

----

قوله: "وفي الحديث".

الحديث: ما أضيف إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

والخبر: ما أضيف إليه والى غيره.

والأثر: ما أضيف إلى غير الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: إلى الصحابي فمن بعده، إلا إذا قيد فقيل: وفي الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون على ما قيد به.

(ج1/ 117)

----

ـ[المسيطير]ــــــــ[14 - 07 - 05, 01:38 ص]ـ

قوله: "الرياء"، مشتق من الرؤية مصدر راءى يرائي، والمصدر رياء، كقاتل يقاتل قتالاً.

والرياء:

أن يعبد الله (1) ليراه الناس فيمدحوه على كونه عابداً،

وليس (2) يريد أن تكون العبادة للناس، لأنه لو أراد ذلك، لكان شركاً أكبر.

(3) وقد يكون سماعاً، أي يقصد بعبادته أن يسمعه الناس فيثنوا عليه، فهذا داخل في الرياء، فالتعبير بالرياء من باب التعبير بالأغلب.

أما إن أراد بعبادته (4) أن يقتدي الناس به فيها، فليس هذا رياء، بل هذا من الدعوة إلى الله - عز وجل ـ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "فعلت هذا لتأتموا بي وتعلموا صلاتي".

(ج1/ 117)

----

والرياء ينقسم باعتبار إبطاله للعبادة إلى قسمين:

الأول: أن يكون في أصل العبادة، أي ما قام يتعبد إلا للرياء، فهذا عمله باطل مردود عليه لحديث أبي هريرة في "الصحيح" مرفوعاً، قال الله تعال: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه".

الثاني: أن يكون الرياء طارئاً على العبادة، أي أن أصل العبادة لله، لكن طرأ عليها الرياء، فهذا ينقسم إلى قسمين:

الأول: أن يدافعه، فهذا لا يضره. مثاله: رجل صلى ركعة، ثم جاء أناس في الركعة الثانية، فحصل في قلبه شيء بأن أطال الركوع أو السجود أو تباكى وما أشبه ذلك، فإن دافعه، فإنه لا يضره لأنه قام بالجهاد.

القسم الثاني: أن يسترسل معه، فكل عمل ينشأ عن الرياء فهو باطل، كما لو أطال القيام، أو الركوع، أو السجود، أو تباكى، فهذا كل عمله حابط،.

ولكن هل هذا البطلان يمتد إلى جميع العبادة أم لا؟

نقول: لا يخلو هذا من حالين:

الحال الأولى: أن يكون آخر العبادة مبيناً على أولها، بحيث لا يصح أولها مع فساد آخرها، فهذه كلها فاسدة. وذلك مثل الصلاة، فالصلاة مثلاً لا يمكن أن يفسد آخرها ولا يفسد أولها، وحينئذ تبطل الصلاة كلها إذا طرأ الرياء في أثنائها ولم يدافعه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير