المشاركة في المكان أو المزج والاختلاط على كل حال. وقد سبق أن هذا ليس بمتعين في كل حال. هذا بالنسبة لما نقل عن الإمام أحمد في تأويل هذه النصوص الثلاثة. أما بالنظر لها من حيث هي فقد تقدم قريباً أنه لا تأويل في الآية الكريمة إذا فسرها مفسر بالعلم، لأنه تفسير لها ببعض مقتضياتها لا تقل لها عن المعنى الذي تقتضيه.
وأما حديث: " إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء ". فقد رواه مسلم في صحيحه في كتاب القدر في الباب الثالث منه رقم 17 ص 2045، وليس فيه تأويل عند أهل السنة والجماعة حيث يؤمنون بما دل عليه من إثبات الأصابع لله تعالى على الوجه اللائق به، ولا يلزم من كون قلوبنا بين أصبعين منها أن تماس القلب، فإن السحاب مسخر بين السماء والأرض ولا يمس السماء ولا الأرض، فكذلك قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن ولا يستلزم ذلك المماسة. وأما حديث: " الحجر الأسود يمين الله في الأرض". فقد قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي ص 397 ج 6 من مجموع ابن قاسم: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا يثبت، والمشهور إنما هو عن ابن عباس. قال: " الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه ". وفي ص 44 ج 3 من المجموع المذكور: "صريح في أن الحجر الأسود ليس هو صفة الله ولا نفس يمينه، لأنه قال:" يمين الله في الأرض" فقيده في الأرض ولم يطلق فيقل: يمين الله، وحكم اللفظ المقيد يخالف المطلق. وقال: " فمن قبله وصافحه فكأنما صافح الله وقبل يمينه"، ومعلوم أن المشبه غير المشبه به". ا. هـ. قلت: وعلى هذا فلا يكون الحديث من صفات الله تعالى التي أولت إلى معنى يخالف الظاهر فلا تأويل فيه أصلاً.
وأما قولهم: إن هناك مدرستين: إحداهما مدرسة ابن تيمية فيقال:: نسبة هذه المدرسة إلى ابن تيمية توهم أنه لم يسبق إليها، وهذا خطأ فإن ما ذهب إليه ابن تيمية هو ما كان عليه السلف الصالح وأئمة الأمة، فليس هو الذي أحدث هذه المدرسة كما يوهمه قول القائل الذي يريد أن يقلل من شأنها، والله المستعان.
وأما موقفنا من العلماء المؤؤلين فنقول: من عرف منهم بحسن النية وكان لهم قدم صدق في الدين، واتباع السنة فهو معذور بتأويله السائغ، ولكن عذره في ذلك لا يمنع من تخطئة طريقته المخالفة لما كان عليه السلف الصالح من إجراء النصوص على ظاهرها، واعتقاد ما دل عليه ذلك الظاهر من غير تكييف، ولا تمثيل، فإنه يجب التفريق بين حكم القول وقائله، والفعل وفاعله، فالقول الخطأ إذا كان صادراً عن اجتهاد وحسن قصد لا يذم عليه قائله، بل يكون له أجر على اجتهاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". متفق عليه، وأما وصفه بالضلال فإن أريد بالضلال الضلال المطلق الذي يذم به الموصوف، ويمقت عليه، فهذا لا يتوجه في مثل هذا المجتهد الذي علم منه حسن النية، وكان له قدم صدق في الدين واتباع السنة، وإن أريد بالضلال مخالفة قوله للصواب من غير إشعار بذم القائل فلا بأس بذلك، لأن مثل هذا ليس ضلالاً مطلقاً، لأنه من حيث الوسيلة صواب، حيث بذل جهده في الوصول إلى الحق، لكنه باعتبار النتيجة ضلال حيث كان خلاف الحق. وبهذا التفصيل يزول الإشكال والتهويل، والله المستعان
-------
ولعل هنا أيضًا ما يفيد:
http://www.saaid.net/Doat/abu_sarah/79.htm
http://www.binbaz.org.sa/Display.asp?f=ibn00184.htm
ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[11 - 08 - 05, 04:09 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي سليمان الخراشي على نقل هذه الفتوى للعلامة فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وعلى ذكر الرابطين.
ففيهم الشفاء الكافي الشافي بإذن الله تبارك وتعالى.
ـ[أبو حذيفة الحنبلىّ]ــــــــ[12 - 08 - 05, 11:09 م]ـ
هذا فى شأن أعيانهم ..
و لكن هل يقال .. الأشاعرة فرقة نارية؟
ـ[أبو عبد الله المليباري]ــــــــ[13 - 08 - 05, 08:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم. من المقرر عند أهل السنة والجماعة أن الأشاعرة فرقة مبتدعة ضالة، ومعلوم أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
ثم إذا أردت أن تعرف عن الأشاعرة وضلالهم وبدعتهم بصورة سريعة فأنصحك بقراءة كتاب الشيخ العلامة سفر بن عبدالرحمن الحوالي بعنوان (منهج الأشاعرة في العقيدة) فإنه كاف وواف مع اختصاره ولذلك وصفه الشيخ الدكتور عبدالرحمن المحمود بأنه بحث مركز.
ثم سألت: هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة فأقول كما نقل الشيخ سفر عن شيخ الإسلام بأن أهل السنة لهم إطلاقان:
1 - إطلاق عام: ويراد به كل خالف الشيعة. فيدخل فيه الأشاعرة وغيرهم ممن خالفوا الشيعة.
2 - إطلاق خاص: فيخرج بهذا الإطلاق كل من خالف أصول أهل السنة والجماعة من الصفات وغيرها فليست الأشاعرة بهذا الإطلاق من أهل السنة والجماعة، وللمزيد اقرأ المنهج كذلك للتوسع اقرأ الموقف للمحمود كما أشار به بعض الإخوة.
والسلام عليكم.
¥