تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقول في النزول كالقول في الاستواء، أقول فيه ما أقول فيه، ولا أعلم كنه المراد به بل لا يعلم ذلك إلا الله تعالى، وليس على حقيقته وظاهره، كتبه أحمد بن تيمية، وذلك في يوم الأحد خامس عشرين شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة))

هذا صورة ما كتبه بخطه، وأشهد عليه أيضا أنه تاب إلى الله تعالى مما ينافي هذا الاعتقاد في المسائل الأربع المذكورة بخطه، وتلفظ بالشهادتين المعظمتين، وأشهد عليه بالطواعية والاختيار في ذلك كله بقلعة الجبل المحروسة من الديار المصرية حرسها الله تعالى بتاريخ يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة، وشهد عليه في هذا المحضر جماعة من الأعيان المقنتين والعدول، وأفرج عنه واستقر بالقاهرة .. ]]]] اهـ.

هذاكلام الإمام النويري، ونحوه كلام الحافظ ابن حجر، ونقل هذه التوبة غيرهما أيضا، وفيما ذكرنا هنا كفاية.

ولعل جهل هذه الحقيقة ـ أعني رجوع ابن تيمية إلى الحق ـ كان سببا رئيسا في تأرجح كلمة العلماء فيه بعد وفاته، ففي القرن التاسع الهجري جاء إلى البلاد المشرقية الإمام الكبير والمناظر الخطير الضارب بسهم وافر في شتى العلوم العلامة محمد بن محمد الشهير بالعلاء ابن البخاري وكان معظما عند أرباب الدولة، مفخما عند العلماء أشعري الاعتقاد، سيفا مسلولا على أهل البدع، وكان ممن يكفرون طائفة ابن عربي الصوفي ويزبد ويرعد فيهم وصنف في إكفاره، فلما وصل هذا العالم إلى مصر والشام وكان معظما لابن تيمية، فعارضه البعض بكلام ابن تيمية المخالف لعقائد المسلمين فطالع العلاء البخاري عقيدة ابن تيمية من جديد وصار يحاول الاعتذار عنه وآل الأمر في آخر المطاف إلى أن كفر ابن تيمية وصنف في ذلك كتابا يكفره فيه، بل ويكفر من سماه بشيخ الإسلام، فرد عليه ابن ناصر الدين الدمشقي الصوفي الأشعري بكتاب سماه الرد الوافر، وقد قرض الكتاب الأخير جماعة من كبار علماء مصر منهم الحافظ ابن حجر والبدر العيني والشمس البساطي والبلقيني وغيرهم، واعترضوا على تكفير ابن تيمية، متعللين بأنه لم يكن يصر على الباطل ويلمحون إلى رجوعه الذي أسلفناه، وهذا هو الحق، فابن تيمية لم يحفظ عليه بعد تاريخ الرجوع المذكور أنه حوكم في العقائد إلى اليوم، وتلاميذه من بعده مختلفون ليسوا على رأي واحد، فمنهم قلة قليلة بقيت على آرائه التي كان عليها قبل رجوعه، ولم يصدقوا بأنه رجع عنها، وأكثرهم لم يكن يوافقه عليها، بل البعض منهم لم تكن له دراية بأمور العقائد، وجماعة من تلاميذه يعلمون بأنه قد تاب مما خالف فيه، لهذا كانت المدرسة المصرية أعدل الطوائف فيه، فهي لم تأخذ بشذوذاته العقدية التي يكفر معتقدها، ولم تقل بتكفيره أيضا لما ثبت عندهم من رجوعه، ومع هذا فقد استمر خلاف المسلمين فيه من ذلك الوقت إلى اليوم، ولم تكن الناس بل ولا العلماء وطلاب العلم يلتفتون إلى هذه المسألة أصلا قرون طويلة، إلى أن قامت الدعوة الوهابية من نجد الفتنة فتبنت آراءه كلها بشكل مجمل غير مفصل بشكل رهيب ملفت للنظر وقدسوه وعظموه غاية التعظيم، حتى صار ابن تيمية عندهم مساويا لكلمة السلف!!! والسلف مساوية لكلمة ابن تيمية، وغلوا فيه غلوا عظيما، وبدأت كتب ابن تيمية تظهر إلى الوجود مرة أخرى، بعد ان أعدمت في حياته ونزعت ومزقت وحرقت واندثرت وما كان احد يجرؤ على إظهارها ومدارستها علنا، فعادت طباعتها من جديد في دولة عبدالعزيز آل سعود!! ولما لقيت الدولة السعودية الجديدة اعترافا دوليا وبدأت علاقاتها بالدول الإسلامية المحيطة تتحسن بدأت كتب ابن تيمية تتدفق من المطابع السلفية بالمملكة، غير عارفين بمغبة هذا الأمر وما يمكن أن تحدثه كتب ابن تيمية، ولم تخضع في حينها للدراسة والمناقشة والفحص بل ولا التحقيق والتأكد من صحة نسبتها إلى ابن تيمية، وهكذا رجع الخلاف من جديد وبدأ الصراع القديم يتجدد بسبب كتب ابن تيمية، واضطرب الوضع، وأحس كثير من العلماء بالخطر الذي تحمله كتب ابن تيمية والذي قد تظهر آثاره على المدى البعيد، فهب جماعة من أهل العلم ـ وما أكثرهم ـ للرد على كتب ابن تيمية وما فيها، علماء من المغرب وتونس وموريتانيا والجزائر ومصر والسودان وتركيا والهند واليمن ومن كل بلاد الإسلام تقريبا، والناس البسطاء والشباب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير