تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[همام بن همام]ــــــــ[07 - 10 - 05, 03:31 ص]ـ

كلام فودة من أظهر الأدلة على أن الأهواء تتجارى به كما يتجارى الكلَب بصاحبه، فهو يعرف مراد شيخ الإسلام كما يعرف أولاده إن كان له أولاد.

ودليل ذلك تناقضه العجيب، حيث قال في آخر كلامه المنقول: "والحق أن يقال إن النفي في الآيات نفي كليٌّ أو عام، وهذا النفي قاطع ويجب العمل به، وليس مجملاً ولا يتوقف على بيان".

وقد قال في كلام سابق: "وسوف نبين نحن أن الأمر ليس على الوجه الذي ذكره ابن تيمية، بل طريقة القرآن في الجهتين التفصيل حيث يلزم والإجمال حيث يلزم، فلا يقال إن طريقة القرآن في الإثبات هي التفصيل وفي النفي الإجمال، بل قد ينفي عن الله تعالى ما لا يليق به على سبيل التفصيل كما يثبت له على سبيل التفصيل، فالحاجة هي التي توجب الطريقة المتبعة".

وقال بعده: "لأن القرآن ينزه الله تعالى إجمالاً وتفصيلاً، ويثبت لله تعالى الصفات إجمالاً وتفصيلاً، فلا يوجد في القرآن ما يمنع النفي التفصيلي عند الحاجة لذلك، كما لا يوجد فيه ما يمنع الإثبات الإجمالي".

فهل بعد هذا شك في أن الرجل يعرف مقصود شيخ الإسلام معرفة لاريب فيها. والله أعلم

وتتميماً للفائدة فهذا كلام للشيخ العثيمين رحمه الله في هذه المسألة:

قال رحمه الله تعالى: " ولهذا نجد أن صفات النفي تأتي كثيراً عامة، غير مخصصة بصفة معينة، والمخصص بصفة لا يكون إلا لسبب، مثل تكذيب المدعين بأن الله اتصف بهذه الصفة التي نفاها عن نفسه أو دفع توهم هذه الصفة التي نفاها.

فالقسم الأول العامة، كقوله تعالى {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11]، قال {ليس كمثله شيء} في علمه وقدرته وسمعه وبصره وعزته وحكمته ورحمته. . وغير ذلك من صفاته، فلم يفصل، بل قال: (ليس كمثله شيء) في كل كمال.

أما إذا كان مفصلاً، فلا تجده إلا لسبب، كقوله {ما اتخذ الله من ولد} [المؤمنون: 91]، رداً لقول من قال: إن لله ولداً وقوله: {لم يلد ولم يولد} [الإخلاص: 3] كذلك وقوله تعالى: {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} [ق: 38]، لأنه قد يفرض الذهن الذي لا يقدر الله حق قدره أن هذه السماوات العظيمة والأرض العظيمة إذا كان خلقها في ستة أيام، فسيلحقه التعب، فقال: {وما مسنا من لغوب} [ق: 38]، أي: من تعب وإعياء.

فتبين بهذا أن النفي لا يرد في صفات الله عز وجل إلا على سبيل العموم أو على سبيل الخصوص لسبب، لأن صفات السلب لا تتضمن الكمال إلا إذا كانت متضمنة لإثبات، ولهذا نقول: الصفات السلبية التي نفاها الله عن نفسه متضمنة لثبوت كمال ضدها، فقوله {وما مسنا من لغوب}: متضمن كمال القوة والقدرة وقوله: {ولا يظلم ربك أحداً} [الكهف: 49]: متضمن لكمال العدل وقوله: {وما الله بغافل عما تعملون} [البقرة: 85]: متضمن لكمال العلم والإحاطة. . وهلم جراً، فلا بد أن تكون الصفة المنفية متضمنة لثبوت، وذلك الثبوت هو كمال ضد ذلك المنفي وإلا، لم تكن مدحاً.

لا يوجد في الصفات المنفية عن الله نفي مجرد لأن النفي المجرد عدم والعدم ليس بشيء، فلا يتضمن مدحاً ولا ثناء، ولأنه قد يكون للعجز عن تلك الصفة فيكون ذماً، وقد يكون لعدم القابلية، فلا يكون مدحاً ولا ذماً.

مثال الأول الذي للعجز قول الشاعر:

قبيلة لا يغدرون بذمة ** ولا يظلمون الناس حبة خردل

ومثال الثاني الذي لعدم القابلية: أن تقول: إن جدرانا لا يظلم أحداً. والواجب علينا نحو هذه الصفات التي أثبتها الله لنفسه والتي نفاها أن نقول: سمعنا وصدقنا وآمنا".

من شرح العقيدة الواسطية.

ـ[همام بن همام]ــــــــ[10 - 10 - 05, 04:38 ص]ـ

قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (2\ 156 - 157): " فالله سبحانه بعث الرسل بما يقتضى الكمال من إثبات أسمائه وصفاته على وجه التفصيل والنفي على طريق الإجمال للنقص والتمثيل فالرب تعالى موصوف بصفات الكمال التي لا غاية فوقها منزه عن النقص بكل وجه ممتنع وأن يكون له مثيل في شيء من صفات الكمال فأما صفات النقص فهو منزه عنها مطلقا وأما صفات الكمال فلا يماثله بل ولا يقاربه فيها شيء من الأشياء والتنزيه يجمعه نوعان نفي النقص ونفي مماثلة غيره له في صفات الكمال كما دل على ذلك سورة قل هو الله أحد وغيرها من القرآن".

وقال في المنهاج أيضا (2\ 185 - 187): "فهذه طريقة الرسل وأتباعهم من سلف الأمة وأئمتها إثبات مفصل ونفي مجمل إثبات صفات الكمال على وجه التفصيل ونفي النقص والتمثيل كما دل على ذلك سورة قل هو الله أحد الله الصمد وهي تعدل ثلث القرآن كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح وقد كتبنا تصنيفا مفردا في تفسيرها وآخر في كونها تعدل ثلث القرآن فاسمه الصمد يتضمن صفات الكمال كما روى الوالبي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال هو العليم الذي كمل في علمه والقدير الذي كمل في قدرته والسيد الذي الذي كمل في سؤدده والشريف الذي كمل في شرفه والعظيم الذي كمل في عظمته والحليم الذي كمل في حلمه والحكيم الذي كمل في حكمته وهو الذي كمل في أنواع الشرف والسؤدد هو الله سبحانه وتعالى هذه صفته لا تنبغي إلا له والأحد يتضمن نفي المثل عنه.

والتنزيه الذي يستحقه الرب يجمعه نوعان أحدهما نفي النقص عنه والثاني نفى مماثلة شيء من الأشياء فيما يستحقه من صفات الكمال فإثبات صفات الكمال له مع نفى مماثلة غيره له يجمع ذلك كما دلت عليه هذه السورة".

لعله يتضح بهذين النقلين مقصود شيخ الإسلام من قوله في التدمرية: "والله سبحانه وتعالى بعث رسله بإثبات مفصل، ونفي مجمل".

فلما كان النفي عائدا إلى شيئين فقط وهما النقص والمماثلة، صح أن يطلق على النفي بأنه مجمل. والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير