ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 - 10 - 05, 03:00 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[همام بن همام]ــــــــ[22 - 10 - 05, 06:33 ص]ـ
عوداً إلى الإشكال الأول، فقد وجدت جواباً يوضحه توضيحاً جلياً من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية نفسه، وصاحب الدار أعلم بما فيها، وهذا الكلام موجود في نهاية التدمرية وكذلك في المجلد الثامن والعاشر من مجموع الفتاوى فيما وقفت عليه، ولكنني أكتفي بما جاء في نهاية التدمرية خشية الإطالة.
قال رحمه الله تعالى ما نصه: "وجماع ذلك أنه لا بد له في الأمر من أصلين ولا بد له في القدر من أصلين.
ففي " الأمر " عليه الاجتهاد في الامتثال علما وعملا فلا تزال تجتهد في العلم بما أمر الله به والعمل بذلك. ثم عليه أن يستغفر ويتوب من تفريطه في المأمور وتعديه الحدود ولهذا كان من المشروع أن يختم جميع الأعمال بالاستغفار فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقد قال الله تعالى: {والمستغفرين بالأسحار} فقاموا بالليل وختموه بالاستغفار , وآخر سورة نزلت قول الله تعالى {إذا جاء نصر الله والفتح} {ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا} {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} وفي الصحيح أنه كان صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: " {سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي} يتأول القرآن.
وأما في " القدر " فعليه أن يستعين بالله في فعل ما أمر به ويتوكل عليه ويدعوه، ويرغب إليه ويستعيذ به ويكون مفتقرا إليه في طلب الخير وترك الشر، وعليه أن يصبر على المقدور ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وإذا آذاه الناس علم أن ذلك مقدر عليه. ومن هذا الباب احتجاج آدم وموسى لما قال: يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ; لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه فبكم وجدت مكتوبا علي من قبل أن أخلق: {وعصى آدم ربه فغوى} قال: بكذا وكذا فحج آدم موسى وذلك أن موسى لم يكن عتبه لآدم لأجل الذنب فإن آدم قد كان تاب منه والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ; ولكن لأجل المصيبة التي لحقتهم من ذلك. وهم مأمورون أن ينظروا إلى القدر في المصائب وأن يستغفروا من المعائب كما قال تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} فمن راعى الأمر والقدر كما ذكر: كان عابدا لله مطيعا له مستعينا به متوكلا عليه من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. وقد جمع الله سبحانه بين هذين الأصلين في مواضع كقوله: {إياك نعبد وإياك نستعين} وقوله: {فاعبده وتوكل عليه} وقوله: {عليه توكلت وإليه أنيب} وقوله: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا} {ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} فالعبادة لله والاستعانة به {وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند الأضحية اللهم منك ولك} فما لم يكن بالله لا يكون ; فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله وما لم يكن بالله فلا ينفع ولا يدوم"
فقوله رحمه الله تعالى: "وأما في " القدر " فعليه أن يستعين بالله في فعل ما أمر به ويتوكل عليه ويدعوه، ويرغب إليه ويستعيذ به" فالاستعانة والتوكل والدعاء والرغبة والاستعاذة كلها عبادات تعلقت بالقدر، وكذا قوله:" وعليه أن يصبر على المقدور" فالصبر عبادة تعلقت بالقدر؛ فالعبادات الأولى قبل وقوع المقدور والصبر بعد وقوع المقدور، هذا إذا كان المقدور بغير فعله فعليه أن يصبر عليه أو يرضى به، وإن كان بفعله وهو نعمة حمد الله على ذلك – والحمد عبادة أخرى تعلقت بالقدر -، وإن كان ذنبًا استغفر إليه من ذلك – والاستغفار عبادة -.
فلا شك بعد هذا أن العبد مطالب بأنواع من العبادات متعلقة بالقدر كما أنه مطالب بأنواع من العبادات متعلقة بالأمر، وأن من راع الأمر كما ذكر كان عابداً لله مطيعاً له مستعيناً به متوكلاً عليه.
وشيخ الإسلام ذكر هذا التفصيل لأن الله جل وعلا ذكره في كتابه، ولمخالفة من خالف في هذا فنظر إلى الأمر فقط وأهمل القدر، أو نظر إلى القدر وأهمل الأمر مما سيأتي في كلامه رحمه الله تعالى. والله أعلم.
و أخيراً معذرة للقارئ فلعلني شوشت ذهنه بكثرة النقولات والإكثار من التعليقات، وكذا أعتذر لصاحب الموضوع الشيخ أبي فهر سلمه الله فقد أثقلت موضوعه وتطفلت عليه، اللهم اغفر لي ولإخوتي في هذا الشهر واجعلنا من عتقائك من النار يا رحمن.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 10 - 05, 06:54 م]ـ
نعم يا عم الشيخ أثقلت موضوعي؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
لقد أثقلته بكل خير وبركة.
لقد أثقلته بفوائد تشد إليها الرحال.
يشهد الله أنني عائد الآن من سفر طويل شاق ودخلت على الملتقى أطالع حتى الأذان لأي لو نمت فعلى الصلاة والإفطار السلام.
وأول ما قرأت فائدتك الرائعة تلك زال عني كل تعب السفر ووضره فإذا أنا أنشط من عقال.
بارك الله فيك أخي الحبيب وسيكون لنا عودة مكثفة بعد رمضان.
ودمت للمحب بشدة/أبو فهر
¥