تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأوضح أن يقال التصديق والاستجابة، الإيمان التصديق والاستجابة، وذلك لأنه يعدى في القرآن باللام، يعدى الإيمان اللغوي في القرآن باللام كما أنه في اللغة أيضا قد يعدى باللام، قال جل وعلا ?فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ? عَدَّى الإيمان باللام لأن الإيمان هنا تصديق واستجابة، وقال جل وعلا ?وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ? ?مَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا? عداه باللام لأن الإيمان هنا هو التصديق، وقال جل وعلا أيضا في قصة موسى في سورة الدخان ?وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ? يعني التصديق معه الاستجابة، هذا الإيمان اللغوي، في هذه الآيات الإيمان اللغوي، فضابط استعمال الإيمان اللغوي في القرآن أنه يُعدى باللام غالبا.

وأما إذا عُديَ الإيمان في القرآن بالباء فإنه يراد منه الإيمان الشرعي المخصوص ?آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ? هذا بالباء (آمن بكذا) هذا الإيمان الشرعي، ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ? بالباء، والآيات في تعدية الإيمان بالباء كثيرة.

لماذا عُدِّي الإيمان في تلك المواضع باللام؟

عُدِّي لأنه مُضَمَّنٌ معنى الاستجابة أو لأن معناه التصديق والاستجابة، والاستجابة في اللغة تُعَدَّى باللام ?فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ? (استجاب لفلان) (سمع الله لمن حمِده) لأن السماع هنا مُضَمَّن معنى الإجابة يعني (أجاب لمن) وهذا يوضح أن لفظ الإيمان في اللغة تصديق معه الاستجابة.

فإذن في اللغة الإيمان اعتقاد واستجابة.

وفي الشرع صار الإيمان بأشياء مخصوصة، اعتقاد خاص واستجابة خاصة، وزيادة مراتب وشروط وأركان.

إذا تبين ذلك فإن الإيمان الشرعي له صلة كما ذكرنا بالإيمان اللغوي، والإيمان اللغوي منه العمل، منه الاستجابة، حتى التصديق لا يقال إنه صدق الأمر حتى يمتثل في اللغة.

يعني التصديق الجازم متى؟

إذا امتثل، ?وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا? متى صار مصدقا؟ لما ?أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ?".انتهى

ونقل شيخ الإسلام رحمه الله في كتاب الإيمان قول الإمام أحمد: "وأما من زعم أن الإيمان الإقرار، فما يقول في المعرفة؟ هل يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار؟ وهل يحتاج أن يكون مصدقًا بما عرف؟ فإن زعم أنه يحتاج إلى المعرفة مع الإقرار فلقد زعم أنه من شيئين، وإن زعم أنه يحتاج أن يكون مقرًا ومصدقًا بما عرف فهو من ثلاثة أشياء، وإن جحد وقال: لا يحتاج إلى المعرفة والتصديق، فقد قال قولاً عظيمًا، ولا أحسب أحدًا يدفع المعرفة والتصديق وكذلك العمل مع هذه الأشياء ".

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله بعد كلام: "وأحمد قال: لابد مع هذا الإقرار أن يكون مصدقًا، وأن يكون عارفًا، وأن يكون مصدقًا بما عرف. وفي رواية أخرى: مصدقًا بما أقر، وهذا يقتضي أنه لابد من تصديق باطن، ويحتمل أن يكون لفظ التصديق عنده يتضمن القول والعمل جميعًا، كما قد ذكرنا شواهده أنه يقال: صدق بالقول والعمل. فيكون تصديق القلب عنده يتضمن أنه مع معرفة قلبه أنه رسول الله قد خضع له وانقاد، فصدقه بقول قلبه وعمل قلبه محبة وتعظيمًا، وإلا فمجرد معرفة قلبه أنه رسول الله مع الإعراض عن الانقياد له ولما جاء به إما حسدًا وإما كبرًا، وإما لمحبة دينه الذي يخالفه وإما لغير ذلك، فلا يكون إيمانًا، ولابد في الإيمان من علم القلب وعمله، فأراد أحمد بالتصديق أنه مع المعرفة به صار القلب مصدقًا له، تابعًا له، محبا له، معظمًا له، فإن هذا لابد منه، ومن دفع هذا عن أن يكون من الإيمان، فهو من جنس من دفع المعرفة من أن تكون من الإيمان، وهذا أشبه بأن يحمل عليه كلام أحمد؛ لأن وجوب انقياد القلب مع معرفته ظاهر ثابت بدلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل ذلك معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، ومن نازع من الجهمية في أن انقياد القلب من الإيمان فهو كمن نازع من الكرامية في أن معرفة القلب من الإيمان فكان حمل كلام أحمد على هذا هو المناسب لكلامه في هذا المقام ". انتهى. والله أعلم.

ـ[الدر المصون]ــــــــ[12 - 11 - 05, 10:28 م]ـ

سلمك الله أخي العقيدة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير