تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري في صفات الذات الخبرية لله تعالى أثبتها واستدل عليها بنصوص من الكتاب والسنة كما في كتابه (الإبانة من أصول الديانة) حيث أثبت فيه صفات الذات الخبرية كصفة الوجه والعين واليد والأصابع، وصفات الفعل الخبرية كصفة الاستواء والمجئ والإتيان والنزول ورد على المؤولين لها، وتبع أبو الحسن الأشعري في منهجه لإثبات هذه الصفات منهج السلف الصالح. إذ كان يعول على الكتاب والسنة في إثباته لهذه الصفات ويرد على خصومه بالكتاب والسنة ويضيف إليهما أدلة العقل.

وأما مذهب المعتزلة فهم لا يقبلون أدلة الكتاب والسنة في الأصول وذلك لأنها لا تفيد إلا الظن ولا مكانة للظن في العقائد حسب زعمهم. ولذلك اعتمدوا على أدلة العقول في الإثبات والنفي وسلطوا التأويل العقلي على النصوص وزعموا أن أدلة العقول تفيد القطع واليقين وغيرها لا يفيد ذلك. ومن أشهر أئمتهم الذين نصروا عقيدتهم الإمام القاضي عبد الجبار الهمداني في كتبه (شرح الأصول الخمسة) و (المغني في أبواب التوحيد والعدل) و (متشابه القرآن) وغيرها.

وأما موقف المعتزلة من صفات الذات الخبرية، فهم يذهبون لتأويل هذه الصفات وهي صفة الوجه، والعين، واليد.

وأما صفات الفعل الخبرية، فقد تناول المعتزلة هذا النوع من الصفات عقليا. وساقوا كثيرا من الأدلة لتبرير تأويلهم لها. وزعموا أن بقاءها على ظاهرها يلزم منه التجسيم والتشبيه. ولهذا ينبغي تأويل صفة الاستواء والنزول، والمجئ والإتيان لأن العقل لا يجوز اتصاف الله بهذه الصفات. ولا شك أن ذلك مخالف لهدي القرآن والسنة وفعل السلف الصالح، وذلك أن العقل تابع للشرع في ذلك ولا يمكن للعقل والشرع أن يتعارضا حتى يحمل الشرع على العقل. بل أن صحيح النقل يوافق صريح العقل.

وأما متأخروا الأشاعرة ومنهم إمام الحرمين الجويني والإمام أبي حامد الغزالي ومن جاء بعدهم ممن تبنى تأويل الصفات من الأشاعرة فهم خالفوا منهج متقدميهم في الاستدلال، حيث أنهم لا يكاد يختلف منهجهم عن منهج المعتزلة. فإن كان المعتزلة اعتبروا الكتاب والسنة والإجماع أصولا في الاستدلال وجعلوا دلالتهم ظنية ودلالة العقل يقينية، وبذلك قدموه على دلالة الكتاب والسنة، فإن متأخري الأشاعرة اعتبروا دلالة النصوص ظنية لا يحتج بها إلا إذا انظم إليها دليل العقل. ولذلك تبع متأخروا الاشاعرة نفس منهج المعتزلة في تأويل صفات الخبر، ولهذا كانت النتيجة والحتمية لهذا المنهج عند هؤلاء نفس النتيجة لمنهج المعتزلة، وما تكاد تجد فارقا واحدا في نتيجة ما توصل إليه هؤلاء عما توصل إليه المعتزلة.

ولذلك موقف إمام الحرمين الجويني من صفات الذات والفعل الخبرية يقوم على تأويل هذه الصفات وإقامة الأدلة العقلية المانعة من اتصاف الباري بها. واتفاقه مع المعتزلة في المنهج ونتائج هذا المنهج.

وأما موقف الإمام أبي حامد الغزالي ومنهجه في صفات الذات والفعل الخبرية. فهو يعتمد على التفويض أحيانا والتأويل أحيانا أخرى وينص الغزالي على أن التأويل مذهب العلماء و لا يجوز للعوام الاشتغال به. وأما صفات الفعل الخبرية فقد تناول الغزالي هذه الصفات تناولا عقليا إذ جعل التنزيه يكمن في التأويل الإجمالي وصرف اللفظ دون تحديد معناه أو التأويل التفصيلي أحيانا.

وخلاصة القول أن مذهب أهل السنة والجماعة من السلف ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أن تثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات دون تفويض أو تكييف أو تعطيل أو تأويل وتحريف أو تشبيه، وهو مذهب متقدمي الأشاعرة أيضاً، وأما المعتزلة والشيعة ومتأخروا الأشاعرة فذهبوا إلى التأويل والتحريف لجميع الصفات الخبرية.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير