تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولمزيداً من توضيح الموضوع حول علاقة الذات بالصفات إليك هذا المقال الذي كتبته في مراجعتي لكتاب ((الصفات الخبرية بين المثبتين والمؤوِّلين بياناً وتفصيلاً)) لمؤلفه: جابر زايد عيد السميري، وأصله رسالة ماجستير قدَّمها المؤلف لكلية أصول الدين، قسم العقيدة بجامعة أمدرمان الإسلامية بالسودان بتاريخ 12/ 7/1408هـ الموافق 29/ 2/1988م، وهو مطبوع الطبعة الأولى، 1416هـ - 1995م، نشر الدار السودانية للكتب، الخرطوم.

علاقة الذات بالصفات في حق الله تعالى وموقف الفرق الإسلامية منها:

تعتبر علاقة الذات بالصفات في حق الله تعالى من أهم القضايا وأكثرها اشغالا واختلافا في الفكر الإسلامي القديم والحديث، ولكن بنسب متفاوته، حيث شغلت حيزا كبيرا من الجدل والنقاش والتأليف والردود بين الفرق والمذاهب الإسلامية، حتى غدت تستقل بالتصنيف والتحبير لدى كثير من علماء وأئمة الإسلام قديما وحديثا.

وحتى نعرف العلاقة بين الذات والصفات لابد من معرفة أقسام الصفات عند السلف وعند غيرهم من أهل الكلام وأرباب الفرق الأخرى.

يرى الإمام البيهقي أن صفات الله تعالى تنقسم إلى:

1. صفات عقلية هي كل صفة وَصَفَ الله تعالى بها نفسه، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم ودلت عليها العقول كالحياة والقدرة والعلم والخلق والرزق وغيرها.

2. وصفات خبرية أو سمعية التي ورد بها الخبر الصادق الذي جاء به الكتاب أو السنة الصحيحة. وهي قسمان:

أ. صفات خبرية ذاتية: كالوجه واليدين والعينين، والقدم، والنفس، والإصبع، والساق وغير ذلك.

ب. وصفات خبرية فعلية: كالاستواء، والنزول، والإتيان، والمجئ وغير ذلك.

وقال الإمام البيهقي بهذا التقسيم استنادا إلى نوع الأدلة التي تثبت بها الصفة. إذ أن منها ما دل العقل على ثبوته لله تعالى مع ورود النص، ومنها ما كان طريق إثباته الأدلة النقلية فحسب.

وهناك تقسيم آخر باعتبار علاقتها بالله تعالى وتعلقها بمشيئته وقدرته وهو التقسيم الذي عليه السلف وأهل السنة ودلت عليه النصوص القرآنية والنبوية أن الصفات تنقسم إلى قسمين هما:

1. صفات ذاتية: لا تنفك عن الذات بل هي لازمة أزلا وأبدا ولا يتعلق بها مشيئته تعالى وقدرته وذلك كصفات الحياة والعلم والقدرة ونحوها.

2. صفات فعلية، تتعلق بها مشيئته وقدرته كل وقت وآن، وتحدث بمشيئته وقدرته، كالاستواء، والمجئ والإتيان والنزول ونحوها ().

وأن الناس في الصفات الخبرية (ذاتيه وفعليه) انقسموا إلى فريقين:

1. فريق المثبتين: وهم طائفتان:

أ. طائفة الذين يجرون هذه الصفات على ظاهرها، ولكن دون تمييز بين صفات الخالق وصفات المخلوق، وهؤلاء هم طائفة المشبهة والمجسمة.

ب. وطائفة الذين يجرون هذه الصفات على ظاهرها أيضا فيثبتونها على حقيقتها لله سبحانه وتعالى، كما اثبتوا غيرها من الصفات، إلا أنهم يجرونها على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى، فلا يشبهونه بخلقه لأنهم يثبتون لله تعالى ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم إثباتا لا تمثيل فيه ولا تشبيه وينزهونه عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا عن التعطيل، فاتخذوا طريقا وسطا بين المؤولة المعطلة والمشبهة المجسمة، وهؤلاء هم السلف أهل السنة والجماعة الذين اتبعوا طريق الوحي من كتاب وسنة.

2. فريق المؤولين: ويتمثل هؤلاء في المعتزلة والشيعة، وبعض الأشاعرة. وهؤلاء جميعا يذهبون إلى تأويل هذه الصفات مع الاختلاف بينهم في معانيها والمراد بها. والذي دفعهم إلى ذلك هو اعتقادهم أن إثبات هذه الصفات يقتضي تشبيه الله تعالى بخلقه ويؤدي إلى التجسيم. وأن الأدلة عليها ظنية، لأنها تتمثل في مجرد ظواهر شرعية، وهذه معارضة عندهم بما يعتبرونه أدلة قطعية، وهي الأدلة العقلية.

وأما مذهب الأشاعرة في هذه الصفات، فهم لم يتفقو على تأويل نصوص الصفات الخبرية بل منهم من ذهب مذهب السلف إلى القول بالنصوص فيها وإثباتها وهؤلاء هم متقدموا الأشاعرة كأبي الحسن الأشعري والباقلاني. ومنهم من ذهب مذهب التأويل وصرفها عن ظاهرها وهؤلاء هم متأخروا الأشاعرة كأبي المعالي الجويني، والغزالي، والرازي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير