تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[21 - 03 - 06, 02:00 ص]ـ

وإياك أخي الفاضل ... ونفع بك يا أبا فالح.

###

قال صاحب المقال: (وكان مالك قد أفتى بجواز ضرب المتَّهم، فلقي أثر تلك الفتوى الاستحسان لدى الخلفاء العباسيين، وعُرف ذلك فيما بعد بالمصالح المرسلة في الفقه المالكي).

قلت: فلما طالبتُه بتوثيق النقل عن الإمام في هذا الأمر؛ لم يقم بتوثيقه كما يفعل كل عاقل يحترم العلم، ويحترم من ينقل إليهم العلم، بل أضاف في مقاله – بعد مدة – قائلا: (ومنها – أي فتاوى الإمام الغريبة - أن الإمام مالك بن أنس أجاز ضرب المتهم بالسرقة للحصول على اعترافه، حماية للأموال. وتساءل الإمام الليث بما معناه: وماذا إذا ثبت أن المتهم بريء؟ إن حماية البريء أولى من عقاب المذنب. ولأن يفلت عشرة مذنبين خير من ظلم بريء واحد. ثم إن الضرب في ذاته عقوبة لا يقضى بها إلا بعد ثبوت الجريمة، وإلا فالضارب والآمر بالضرب ومن أفتى بجوازه كلهم مسؤولون).

قلت: قال شيخ الإسلام – رحمه الله -: ( .. والعلم يحتاج إلى نقل مصدق ونظر محقق.

والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه ومعرفة دلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله .. ).

وقد اشتهر عن أهل العلم أنهم يقولون: إذا كنت ناقلا فالصحة، وإن كنت مدعيا فالدليل.

وصغار الولدان اليوم يعلمون أن من القواعد المقررة في آداب البحوث العلمية: الأمانة في النقل والدقة ...

وقد عري المقال من هذين وغيرهما من أساسيات البحوث العلمية تماما، ولما نبهته لهذا أعرض في ظاهر الأمر، بل تفاخر أنه معرض عني، وهذا لا يضيرني بحمد الله، ولكن من أعرض عن الأخذ بالعلم وأسبابه، وأتبع نفسه هواها ما حاله؟ ثم هو يحاول بطريق ملتو أن يرد، فجاء بكلام نسبه للإمام الليث – رحمه الله – لم يذكر له مصدرا، يوحي من خلاله أن تساؤله – رحمه الله – يتضمن ردا على شخص معاصر له، يرى هذا القول، والنتيجة أن يكون ذلك الشخص مالكا – رحمه الله - أو هكذا حاول أن يفهم القراء.

وصدقني يا هذا لو أتيت بكلام الغزالي في المنخول، وكلام السبكي الصغير في جمع الجوامع، وكلام شراحه أجمعين، وكلام كل من كتب من المتأخرين في تاريخ التشريع، ما كان فيه إثبات لما تقول، حتى تأتي بنص صريح عن الإمام من الكتب التي اعتنت بنقل أقواله عن طريق تلاميذه الذين عرفوا مذهبه حقا واجتهاداته صدقا.

وغير ذلك لا يقبل منك، ولو تنكبتَ طرق التوثيق المعتمدة في نقل أقوال المجتهدين، و فعلت غير ما يدل عليه العلم = فما هو إلا التقليد بدون حجة الذي نهاك عنه ابن عبد الحكم. وما أراك بخارج منه، وأنت على هذه الحال من الإصرار و ... الذي ترمي به غيرك، وهو لاحقك.

وأزيدك ما يبطل نسبة ذلك للإمام – مع اشتهاره عنه – فقد قال – رحمه الله – كما في كتاب السرقة من المدونة 16/ 93 [باب القطع مما يجب على الصبي، وفيمن أقر بسرقة بتهديد ... ]: (قلت: أرأيت إن أقر بشيء من الحدود بعد التهديد أو القيد أو الوعيد أو الضرب أو السجن , أيقام عليه الحد أم لا في قول مالك؟ قال: قال مالك: من أقر بعد التهديد أُقيل , فالوعيد والقيد والتهديد والسجن والضرب تهديد عندي كله، وأرى أن يُقال. قلت: والوعيد والتهديد عند مالك بمنزلة السجن والضرب؟ قال: قد أخبرتك بقوله في التهديد فما سألت عنه عندي مثله .. ).

فهل من يقول مثل هذا يرى الرأي الذي نسبتَه إليه؟ أين العلم والعقل والفهم التي تحتاجها حتى تعيش ما قاله ابن عبد الحكم واقعا ملموسا، لا دعوى تتفاخر بها على غيرك وأنت منها عري؟!!

ثم هذا القول الذي تنسبه للإمام على أنه من غرائبه، ألم أدلك على من انتصر له من أهل العلم في التعليقات؟ لماذا لا ترجع إلى أقوالهم حتى تعلم مدى قوة هذا القول؟ وعلى أي حجة استند من ذهب إليه - وهم أئمة فحول - وما الضوابط والقيود التي وضعوها لقولهم ... فلعل الغرابة حينئذ - لو أنصفت - ترتفع عنه.

أنا في انتظار توثيقك لهذا القول عن الإمام مالك، فربما أتيت بما عجز عنه غيرك.

يتبع – إن شاء الله -.

ـ[هادي بن سعيد]ــــــــ[21 - 03 - 06, 07:02 م]ـ

عذراً أخي الكريم "الفهم الصحيح" على المقاطعة:

أورد هنا فقط نصا على عجالة لِما عاينته من آخر مشاركة، دون غيره لأني لم أتابع المسألة من بدايتها، ـ ولأنَّ ما أعرفُه عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أنه لا يحب طريقة رد الشبهات، والأصوب التلهي عنها.

قال الإمام الشاطبي ـ رحمه الله ـ في الاعتصام في الباب الثامن في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة:

"إن العلماء اختلفوا في الضرب بالتهم، وذهب مالك إلى جواز السجن في التهم، وإن كان السجن نوعاً من العذاب، ونص أصحابه على جواز الضرب، وهو عند الشيوخ من قبيل تضمين الصناع، فإنه لو لم يكن الضرب والسجن بالتهم لتعذر استخلاص الأموال من أيدي السراق والغصاب، إذ قد يتعذر إقامة البينة، فكانت المصلحة في التعذيب وسيلة إلى التحصيل بالتعيين والإقرار."

ثم ذكر كلاما يؤيد ما سبق، وذكر فائدتين لهذه الوسيلة (الاجتهادية)، ثم قال:

"قال الغزالي بعدما حكى عن الشافعي أنه لا يقول بذلك: وعلى الجملة فالمسألة في محل الاجتهاد، قال [يعني الغزالي]: ولسنا نحكم بمذهب مالك على القطع، فإذا وقع النظر في المصالح كان ذلك قريباً من النظر في تعارض الأقيسة المؤثرة" (ص368،369 من الطبعة المليئة بالأخطاء والتصحيفات ومكتوب على غلافها تحقيق فلان)

تعليق صغير: من قال بمشروعية هذه الوسيلة من العلماء لم يقل بها على إطلاقها لكل شخص، بل فيمن ثبتت فيه التهمة بالقرائن والأمارات، ولم تثبت فيه بعد بالبينة القاطعة، فهو نوع من السياسات، ويقول العلماء "باب السياسات أوسع من باب القضاء" ـ والله أعلم ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير