ج - صفة النزول: تابع الكوثري الجهمية فعطل صفة النزول , وحرف نصوصها إلى نزول الملك (40) أو نزول أمره (41) أو نزول قدرته (42) وحرف حديث النزول (يُنْزل) بضم الأول , قال في حاشية كتاب " الأسماء والصفات " للبيهقي (وقد حكى أبوبكر بن فورك أن بعض المشايخ ضبطه بضم أوله على حذف المفعول , أي: يُنْزل ملكاً , يقويه حديث النسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يمهل , حتى يمضي شطر الليل الأول , ثم يأمر منادياً يقول: هل من داعٍ فيستجاب له؟ ... " إلى أن قال: وأما من جعل ذلك نقله فقد جسم , وخالف البرهان العقلي والدليل الشرعي على ضرورة الحس) (43).
وقال الكوثري كذلك (من حاول أن يستدل على إثبات الحركة لله تعالى بحديث " النزول " تغافل عن الدليل العقلي القاضي باستحالة ذلك على الله , مما يحتم الحمل على الإسناد على السبب الآمر , أو المجاز في الطرف , وتجاهل اختلاف الروايات في النزول من " إنزال " و " تنزل " وغير ذلك ومعانيها بلسان العرب , وتغاضى عن حديث النسائي الدال على إنزال ملك ينادي في الثلث الأخير من الليل المعيّن لإرادة الإسناد المجازي من قائله صلى الله عليه وسلم).
وهذا عين المناقضة لمذهب أهل السنة والجماعة فأثبتوا النزول على ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم , ولم يعتقدوا تشبيهاً لنزول خلقه , وعلموا , وتحققوا , واعتقدوا صفات الله سبحانه وتعالى لا تشبه صفات الخلق , كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق (44).
وقد عقد الإمام أبي سعيد الدارمي في كتابه " الرد على الجهمية " باباً في النزول أتى فيه بالأدلة من السنة وأقوال السلف.
وكذا الآجري في كتاب " الشريعة " عقد باباً خاصاً لإثبات النزول , فقال (باب الإيمان والتصديق بأن الله عزوجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة , ثم قال: والإيمان بهذا واجب لا يسع المسلم العاقل أن يقول كيف ينزل , ولا يرد هذا إلا المعتزلة) (45).
وقد رد شبه الجهمية شيخ الإسلام ابن تيمية في مؤلف مستقل وهو " شرح حديث النزول " وقد وفقني الله لتحقيقه وهو مطبوع.
وقال علي بن عمر الحربي (فإن قبل يُنْزل أو يتنزل؟ قيل: ينزل بفتح الياء وكسر الزاي , ومن قال: يُنْزل بضم الياء فقد ابتدع) (46).
فالحاصل: أن مذهب الجهمية مخالف للأحاديث المتواترة الدالة على تزول الرب تعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا] والحديث متواتر [قطعي عند الكوثري (47).
د – صفة اليدين: يذهب الكوثري في صفة اليدين مذهب الجهمية المعطلة فقد عطل صفة اليدين وحرف نصوصها إلى العناية الخاصة بدون توسط , أو المراد من اليد: القدرة , فقد قال معلقاً على كتاب " الأسماء والصفات " للبيهقي (باب ما جاء في إثبات اليدين) قال الكوثري (وذلك كله عبارة عن القدرة , وضرب الله اليد مثلاً , إذ هي آلة تصرف عندنا , والمحاولة) (48).
وقال معلقاً على قول الله تبارك وتعالى (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) أي بعناية خاصة بدون توسيط أب (49).
وهذا مناقض لمذهب أهل السنة والجماعة فقد اثبتوا صفة اليدين كماء جاءت بها النصوص , ومن لم يحملها على الحقيقة عندهم فهو معطل كما قال الإمام أبو حنيفة (50).
وقد عقد الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – في كتاب " التوحيد " من ضمن الصحيح أورد فيه جملة من الأحاديث الصحيحة التي تثبت صفة اليدين لله تعالى , وهو باب قول الله تعالى (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) , منها حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يد الله ملأى لا تغيضها نفقة سحاء (51) بالليل والنهار ... ) (52)
وكذا عقد الإمام الحافظ أبو عبدالله محمد بن منده في " الرد على الجهمية " باباً فيه (ذكر قول الله عز وجل: مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) أتى فيه بالأدلة من الكتاب والسنة ورد على المعطلة.
هـ - صفة الكلام: تابع الكوثري الجهمية في تعطيل صفة الكلام والقول بخلق القرآن , وحرف نصوصهاً إلى الكلام النفسي فقد قال (إن القول بخلق القرآن إنما يكون ضلالاً إذا أريد ما هو قائم بالله سبحانه وتعالى وهو الكلام النفسي.
¥