تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فرقتم شيخنا بين سجود التحية و سجود التعظيم ـ و هو نفس المسلك الذي سلكتُه في حواري مع الصوفية ـ بيد أن السجود لغة هو الخضوع و التذلل كما يستفاد من القاموس و التاج و المصباح و غيرها، و قد قال ابن تيمية رحمه الله (والسجود مقصوده الخضوع وسجود كل شىء بحسبه)، كما أنه يبعد أن يسجد أحد لأحد مختاراً على سبيل التحية ما لم يقم في قلبه تعظيم للمسجود له، و كلام العز و القرافي رحمهما الله ليس فيه هذه التفرقة بل صرح القرافي (ولو وقع مثل ذلك ـ أي السجود ـ في حق الولد مع والده تعظيماً له وتذللاً أو في حق الأولياء والعلماء لم يكن كفراً) و المشكل عندهما هو حكم سجود التحية و التعظيم و هو سجود واحد لا سجودان كما يظهر، و إن كان ثمة فرق فسجود التعظيم و التذلل ـ و هو أشد من مجرد التحية ـ ليس كفراً عندهما، بل الذي يظهر من كلام القرافي أن هذا متفق عليه بين الناس فكأنه يحكي إجماعاً، فتخريج هذا الاتفاق هو الذي أشكل عليهما.

و في كلام الأئمة ما يفيد عدم التفرقة و أن سجود التحية متضمن للتعظيم فمن ذلك:

* قال في اللسان وقوله عز وجل وخروا له سجداً هذا سجود إِعظام لا سجود عبادة

* و قال أيضاً: قال الزجاج إِنه كان من سنة التعظيم في ذلك الوقت أَن يُسْجَد للمعظم

* قال الطبري " وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان "

* تفسير القرطبي [جزء 9 - صفحة 224]

" قال قتادة: هذه كانت تحية الملوك عندهم "

و ما تخصيص الملوك بذلك إلا لتعظيمهم.

* تفسير الطبري [جزء 7 - صفحة 301]

قال ابن زيد في قوله: {وخروا له سجدا} قال قال: ذلك السجود لشرفه كما سجدت الملائكة لآدم لشرفه ليس بسجود عبادة

و قد وصف ابن تيمية سجود الملائكة بقوله "وهو لآدم تشريف وتكريم وتعظيم "

* تفسير ابن كثير [جزء 2 - صفحة 644]

" وقد كان هذا سائغا في شرائعهم إذا سلموا على الكبير يسجدون له" و المقصود و الله أعلم الكبير قدراً لتوقيره و تعظيمه

* تفسير أبي السعود [جزء 4 - صفحة 307]

كان السجود عندهم جاريا مجرى التحية والتكرمة كالقيام والمصافحة وتقبيل اليد ونحوها من عادات الناس الفاشية في التعظيم والتوقير

* مجموع الفتاوى [جزء 4 - صفحة 360]

" ولو أمرنا أن نسجد لأحد من خلقه غيره لسجدنا لذلك الغير طاعة لله عز وجل إذ أحب أن نعظم من سجدنا له "

مما يعني أن مجرد السجود يستلزم تعظيم المسجود له

وقلتم بارك الله فيكم

فهنا صورتان:

الأولى: رجل يريد التقرب إلى الله تعالى بتعظيم أوليائه بشيء ظنه مشروعاً وهو السجود تحية لهم.

والثاني: رجل أراد أن يتقرب لصاحب القبر بالسجود له.

وهناك صورة ثالثة و هي أن الساجد سجد تعظيماً لاعتقاده أن المسجود له يستحق هذا السجود ولم يرد بذلك التقرب إلى الله و لا التقرب ـ تعبداً ـ للمسجود له، و أظهر مثال لذلك حديث معاذ رضي الله عنه ففي المسند من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: قدم معاذ اليمن أو قال: الشام فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأ في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يُعظَّم فلما قدم قال: يا رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأت في نفسي أنك أحق أن تُعظَّم ... الحديث، قال الألباني رحمه الله صحيح على شرط مسلم

و هذا صريح في أن الباعث لمعاذ على السجود للنبي صلى الله عليه و سلم هو التعظيم، و مع ذلك فلم ينكر عليه النبي عليه السلام إنكاره على الذين قالوا اجعل لنا ذات أنواط و لا إنكاره على الذي قال له ما شاء الله و شئت، و هذا مشعر بأن السجود له عليه السلام سجود تعظيم ليس شركاً.

وقلتم أيضاً

وأما الصورة الأولى فالأظهر أنها شرك أكبر كذلك لأن تعظيم الرجل بالسجود له صرف لضرب من أضرب التعظيم المختصة بالله لذلك الرجل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير