تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمقصود أن الدكتور الفاضل تصور أن القضية قضية شرك فقط وبما أنه توصل إلى أن الطواف بالقبور ليس شركا فالأمر يدور بين الجواز والكراهة والتحريم فقط ولم يلتفت إلى مأخذ آخر وهو القول على الله بلا علم وتشريع ما لم يأذن به الله الذي هو كفر بالله ولهذا أجمع المسلمون على أن من استحل ما أجمعت الأمة على تحريمه فقد كفر وإن لم يقع منه شرك كمن يصلي لغير القبلة ويرى بأنه جائز له أن يصلى لله دون أن يستقبل القبلة فلا شك بأن مثل هذا القول كفر صريح وإن لم يكن شركا.

الوجه السابع: أن الطواف بالقبور والحج إليها ليس بدعة فقط إذ البدعة هي ما لا أصل له في الدين بل تلك الممارسات عند القبور محادة ظاهرة لله ورسوله ومضادة لحكمه وأمره فالأمر فيها أشد من البدع التي لا أصل لها ولا مضادة فيها فلو فرضنا أن الشارع لم يحرم اتخاذ القبور مساجد وأماكن للعبادة ولم يحظر شد الرحال والحج إليها ولم يأمر بتسويتها بالأرض ولم يحظر اتخاذ قبره عيدا لكان يصدق على من فعل شيئا من ذلك بأنه مبتدع يدخل في عموم الوعيد الوارد في الحديث الصحيح (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وعموم حديث (وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) أما وقد حرم الشارع تحريما قطعيا بالنصوص المتواترة تواترا معنويا معلوما من دين الإسلام بالضرورة القطعية اتخاذ القبور مساجد أي مكانا للعبادة وحرم شد الرحال إليها وحرم إيقاد السرج عليها وحرم البناء عليها وحرم الصلاة عندها أو إليها وأمر بتسويتها بالأرض حتى لا تكون مساجد وأمر بأن تكون المساجد له وحده كما قال تعالى (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحد) فإن المخالف لأمره ونهيه هذا لا يكون مبتدعا فقط بل هو معارض لحكمه معارضة ظاهرة مستحل لما حرم الله فليس حاله كحال من فعل شيئا لا أصل له في الدين فبين الحالين فرق ظاهر لا يخفى.

الوجه الثامن: أن ما نسبه الدكتور الشريف إلى شيخ الإسلام ابن تيمية غير صحيح ويفتقد للنقل الدقيق لأقواله الصريحة في الموضوع بل نصوص ابن تيمية في بيان هذه القضية أكثر من أن تحصر ومن ذلك قوله في الفتاوى 26/ 249 (الطواف لا يشرع إلا بالبيت العتيق باتفاق المسلمين ولهذا اتفقوا على تضليل من يطوف بغير ذلك مثل من يطوف بالصخرة أو بحجرة النبي أو بالمساجد المبنية بعرفة أو منى أو غير ذلك أو بقبر بعض المشايخ أو بعض أهل البيت كما يفعله كثير من جهال المسلمين فان الطواف بغير البيت العتيق لا يجوز باتفاق المسلمين بل من اعتقد ذلك دينا وقربة عرف أن ذلك ليس بدين باتفاق المسلمين وان ذلك معلوم بالضرورة من دين الإسلام فإن أصر على اتخاذه دينا قتل) انتهى كلامه.

وقال أيضا في مجموع الفتاوى ج2/ص308 (فإن الطواف بالبيت العتيق مما أمر الله به ورسوله وأما الطواف بالأنبياء والصالحين فحرام بإجماع المسلمين ومن اعتقد ذلك دينا فهو كافر سواء طاف ببدنه أو بقبره).

فقد حكم شيخ الإسلام بردة من يعتقد مشروعية الطواف بغير البيت الحرام بل ونقل إجماع المسلمين على كفره بعد إقامة الحجة عليه وتعريفه بأنه ليس من دين الإسلام بل نص على أن من يطوف بغير البيت أشد ممن يصلي لغير القبلة أو يستقبل بيت المقدس لأن بيت المقدس كان قبلة للمسلمين في بداية الإسلام ثم نسخت وجعل الله القبلة البيت الحرام بخلاف الطواف فإنه لم يشرع لغير البيت الحرام مطلقا لا في شريعتنا ولا في شرائع الأنبياء قبلنا فقال في مجموع الفتاوى ج27/ص10 (والعبادات المشروعة في المسجد الأقصى هي من جنس العبادات المشروعة في مسجد النبي وغيره من سائر المساجد إلا المسجد الحرام فإنه يشرع فيه زيادة على سائر المساجد بالطواف بالكعبة واستلام الركنين اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود وأما مسجد النبي والمسجد الأقصى وسائر المساجد فليس فيها ما يطاف به ولا فيها ما يتمسح به ولا ما يقبل فلا يجوز لأحد أن يطوف بحجرة النبي ولا بغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين ولا بصخرة بيت المقدس ولا بغير هؤلاء كالقبة التي فوق جبل عرفات وأمثالها بل ليس في الأرض مكان يطاف به كما يطاف بالكعبة ومن اعتقد أن الطواف بغيرها مشروع فهو شر ممن يعتقد جواز الصلاة إلى غير الكعبة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة إلى المدينة صلى بالمسلمين ثمانية عشر شهرا إلى بيت المقدس فكانت قبلة المسلمين هذه المدة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير