ولذلك لم يعتبر السلف كل مخالفة رأيا محترماً، بل انكروا على كل من خالف الدليل. فها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب ضبيع بن عسل ويأمر بهجره، لما كان يخوض في مسائل من المتشابهات، وها هو الشافعي رحمه الله يقول في أهل الكلام الخائضين في صفات الله بعقولهم الفاسدة: (حكمي في أهل الكلام ان يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في البلدان) ولم يعتبر مخالفتهم للسلف في الأسماء والصفات وأبواب الاعتقاد رأياً محترماً. وها هو الإمام احمد لما بلغه عن الفقيه ابي ثور انه يقول بجواز نكاح المجوسيات قياساً على أخذ الجزية منهم: (أبو ثور كاسمه). وقد حذر الإمام احمد من الحارث المحاسبي شيخ الصوفية في عصره، وأمر بهجره، ولم يعتبر رأيه محترماً. قال ابن الجوزي في «تلبيس ابليس» في انكار السلف على أئمة الصوفية وطردهم من البلاد: «وقد ذكرنا في اول ردنا على الصوفية من هذا الكتاب ان الفقهاء بمصر انكروا على ذي النون ما كان يتكلم به، وببسطام على ابي يزيد واخرجوه، واخرجوا ابا سليمان الداراني، وهرب من ايديهم احمد بن ابي الحواري وسهل التستري، وذلك لأن السلف كانوا ينفرون من ادنى بدعة ويهجرون عليها تمسكاً بالسنة).
فَفَرْقٌ اذاً بَيْنَ قولٍ له حظ من الدليل والنظر، وبين قول مخالف للدليل وعمل السلف. وقد اتفق العلماء على ان حكم القاضي ينقض اذا خالف كتابا او سنة، وان وافق فيه بعض العلماء.
قال ابن القيم في اعلام الموقعين: (قولهم ان مسائل الخلاف لا انكار فيها ليس بصحيح، فان الانكار اما ان يتوجه الى القول والفتوى او العمل، اما الأول فاذا كان القول يخالف سنة او اجماعا شائعا وجب انكاره اتفاقا، وان لم يكن كذلك فان بيان ضعفه ومخالفته للدليل انكار مثله، واما العمل فاذا كان على خلاف سنة او اجماع وجب انكاره بحسب درجات الانكار .. الى آن قال: واذا لم يكن في المسألة سنة ولا اجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم ينكر على من عمل بها مجتهدا او مقلدا، وانما دخل هذا اللبس من جهة ان القائل يعتقد ان مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد، كما اعتقد ذلك طوائف من الناس ممن ليس لهم تحقيق في العلم، والصواب ماعليه الأئمة).
(أنتم من خاض في أمور العقيدة بالباطل علناً فلا تلومونا ان رددنا عليكم)
دعوتك المشايخ بأن يتقوا الله في عقول العوام، ليتك توجهها الى من ابتدأ الكلام، والخوض في العقائد بالباطل في القنوات التلفزيونية والاذاعية، فنحن لم نبتدئ احداً، وانما رددنا على ما يدندن حوله البعض من الدعوة الى مخالفة الكتاب والسنة، والتهوين من أمر الشرك بالله ووسائله، فكيف تلومنا على توضيح الخطأ والنصيحة للمسلمين، ولا تلوم من يقرر علنا الأقوال المنحرفة، والعقائد الفاسدة.
وفي الختام اقول: اننا لم نسمع ممن تكلموا دفاعا عن د. محمد عبد الغفار الشريف تقعيدا وتحريرا للمسائل التي دار حولها الخلاف، فانهم لم يستدلوا على أقوالهم بالكتاب او السنة او عمل سلف الأمة، وانما رأيناهم يدندون حول أمور مستدلين عليها بأقوال الرجال، يكررها كل واحد منهم، يأخذها الآخر عن الأول، والمعلوم كما ذكر حمد سنان نفسه ان الحق لا يعرف بالرجال، وانما يعرف الرجال بالحق، فتأمل اخي القارئ من الذي يقرر المسائل بالأدلة من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة، ومن الذي يقول: قال فلان وقال فلان وقال فلان، وهذا ينبئك عن المنهج الذي يسير عليه بعض الناس من تقليد دينهم الرجال، معرضين عن قوله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر، ذلك خير وأحسن تأويلا) وقوله (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه الى الله) لا الى الرجال.
هذا ما وددت التنبيه إليه، وان كانت المؤاخذات على كلامه كثيرة، لكن لعل في هذا كفاية ومقنع لطالب الحق، فان اصبت فمن الله وحده، وان أخطأت فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.alwatan.com.kw/Default.aspx?MgDid=408228&pageId=48
ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[14 - 08 - 06, 09:04 م]ـ
#85 26 - 05 - 06, 03:05 PM
أبو يوسف العامري
عضو مميز تاريخ الإنضمام: Oct 2005
المشاركات: 550
¥