وهذا هو المبدأ الذي قام عليه مذهب ابن عربي الذي قال: سبحان من خلق الاشياء وهو عينها، وتجرأ على تفسير كتاب الله بغير علم فاستدل بآيات من القرآن الكريم زعما ان الله اطلق اسم الوجود على نفسه كما في قوله تعالى: (ووجد الله عنده) النور: 39، (لوجدوا الله توابا رحيما) النساء: 64، (يجد الله غفورا) النساء: 110، واستدل بأحاديث موضوعة مثل حديث: (من عرف نفسه فقد عرف ربه).
ولا شك ان هذه العقائد الالحادية قديمة جدا في العبادات الهندية والديانات البوذية، وقد انقسم اصحاب هذه المبادىء الالحادية الى فريقين:
1 ـ الفريق الاول: يرى الله سبحانه وتعالى روحا وان العالم جسم لذلك الروح، فاذا سما الانسان وتطهر التصق بالروح اي الله.
2 ـ الفريق الثاني: هؤلاء يزعمون ان جميع الموجودات لا حقيقة لوجودها غير وجود الله، فكل شيء في زعمهم هو الله تجلى فيه.
ولهذا نجد ان المستشرقين اهتموا كثيرا بدراسة ظاهرة التصوف، لانها تحقق اهدافهم في إلهاء المسلمين وتفرق كلمتهم، وبالتالي فانهم وجدوا فيها معينا لهم على نشر الالحاد وانكار النبوات ونبذ التكاليف الشرعية والدعوة الى القول بوحدة الاديان وتصويبها جميعا مهما كانت، حتى وان كانت عبادة الحجر والشجر.
والواقع انه ما من مسلم يشك في كفر او ارتداد من قال بوحدة الوجود، وعلماء الاسلام حين حكموا بكفر غلاة المتصوفة من القائلين بوحدة الوجود والحلول والاتحاد حكموا ايضا بكفر من لم ير تكفيرهم.
ولقد قال شيخ الاسلام عن هؤلاء: «ان كفر هؤلاء اعظم من كفر اليهود والنصارى ومشركي العرب».
وابن عربي من اساطين القائلين بوحدة الوجود والحلول والاتحاد وصحة الاديان كلها، مهما كانت في الكفر اذ المرجع والمآل واحد، ومن هنا فهو يقول:
العبد رب والرب عبد ... يا ليت شعري من المكلف
ان قلت عبد فذاك رب ... او قلت رب فأنى يكلف
ما قاله ابن عبد الوهاب
قال الامام محمد بن عبد الوهاب:
وما الاتحادي ابن عربي صاحب الفصوص المخالف للنصوص وابن الفارض الذي لدين الله محارب وبالباطل للحق معارض، فمن تمذهب بمذهبهما فقد اتخذ مع غير الرسول سبيلا وانتحل طريق المغضوب عليهم والضالين المخالفين لشريعة سيد المرسلين فان ابن عربي وابن الفارض ينتحلان نحلا تكفرهما وقد كفرهما كثير من العلماء العاملين فهؤلاء يقولون كلاما اخشى المقت من الله في ذكره فضلا عمن انتحله فان لم يتب الى الله من انتحل مذهبهما وجب هجره وعزله عن الولاية ان كان ذا ولاية من امامة او غيرها فان صلاته غير صحيحة لا لنفسه ولا لغيره فان قال جاهل ارى عبدالله نوه يتكلم في هذا الامر فيعلم انه انما تبين لي الآن وجوب الجهاد في ذلك علي وعلى غيري لقوله تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاده (الى ان قال) ملة ابيكم ابراهيم) مؤلفات محمد بن عبد الوهاب 193/ 1
واما الايمان باليوم الآخر فادعى ابن عربي ان اصحاب النار يتنعمون في النار كما يتنعم اهل الجنة في الجنة وانه يسمى عذابا من عذوبة طعمه وانشد في كتاب الفصوص:
فلم يبق الا صادق الوعد وحده ... وما لوجود الحق عين تعاين
فان دخلوا دار الشقا فانهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... وبينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... وذاك له كالقشر والقشر صاين
ولهذا قال بعض اصحابنا لبعض اتباع هؤلاء لما اثاروا محنة اهل السنة التي انتصروا فيها لهؤلاء الملاحدة قال له الله يذيقكم هذه العذوبة، وهذا المذهب قد حكاه اصحاب المقالات كالأشعري في مقالاته عن طائفة من سواد اهل الالحاد سموهم البطيخية وهو مما يعلم بالاضطرار فساده من دين الاسلام.
واما الايمان بالرسل فقد ادعوا ان خاتم الاولياء اعلم بالله من خاتم الانبياء وان خاتم الانبياء هو وسائر الانبياء يأخذون العلم بالله من مشكاة خاتم الاولياء وهذا مناقض للعقل والدين كما يقال في قول القائل (فخر عليهم السقف من تحتهم) لا عقل ولا قرآن، فانه من المعلوم بالعقل ان المتأخر يستفيد من المتقدم دون العكس ومن المعلوم في الدين ان افضل الاولياء يستفيدون من الانبياء، وافضل الاولياء من هذه الامة هم صالحو المؤمنين الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: (وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) سورة التحريم: 4 وافضل هؤلاء ابو بكر وعمر
¥