تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكانت أخت الحاكم، وهي " ست الملك " وكانت تكبره بـ 15 عاماً – وكانت حازمة عاقلة بصيرة بالأمور وكانت تناصحه حول قراراته الشنيعة وادعائه الألوهية، ولكن لم يكن ليلقي لها بالاً، بل هددها بالقتل!

وفي عام 411 هـ رأت أخت الحاكم أنه لو تمادى في تصرفاته فسيأتي من يهلكه ويهلك الدولة الفاطمية معه فسارعت هي لغلام عندها ليأتي بابن دواس (أحد شيوخ كتامة) فاتفقت على التخلص من الحاكم والتخلص من أيام حكمه الفظيعة.

فأمر عبدين عنده أنه إذا خرج الحاكم ليهيم في جبل المقطم أن يعاجلوه بضربة تقضي عليه وتقضي على الإلحاد والزندقة، فلما قتلوه وأتوا بشيء من أعضاءه لأخت الحاكم نصبوا خليفته ابنه (علي)، وبعد فترة وجيزة أتت أخت الملك وقتلت (ابن دواس) وأشاعت أن من قتله اثنان من العبيد.

وقيل: بل قتله أحد الغيورين من أهل السنة انتقاماً لله والإسلام.

وقيل غير ذلك، والصحيح ما ذكرناه.

المهم، أن الأمن استتب وبدأت دولة جديدة وعهد جديد وزمن يطارد فيه أتباع دعوة الحاكم والقضاء عليهم وقتلوا منهم خلقاً كثيراً وهرب أكابرهم.

وادعى أتباعه ومؤلهوه أنه اختفى وسيعود آخر الزمان ليوم الحساب، وأتباع الحاكم بأمر الله كانوا يمجدون أفعاله وأعاجيبه، ولذلك فإن حمزة بن علي يقول عن أفعال الحاكم:

" أنها كلها حكمة بالغة، جداً كانت أو هزلاً، "وأنها "أفعال من لا تدركه الأوهام والخواطر بالكلية ... ، ولو نظروا إلى أفعال مولانا جلت قدرته بالعين الحقيقية وتدبروا إشاراته بالنور الشعشعاني لبانت لهم الألوهية والقدرة الأزلية والسلطان الأبدية ... وعلموا حقيقة المحض في جده وهزله (انظر رسالة: كتاب في حقائق ما يظهر قدام مولانا جل ذكره).

وكانت صفة الحاكم الخَلْقية: أنه كان ذا بنية قوية متينة، وكان منذ حداثته يتمتع، بمظهر الجبابرة، مبسوط الجسم مهيب الطلعة، له عنينان كبيرتان سوداوان، تمازجهما زرقة ونظراته حادة مروعة لا يستطيع الإنسان صبراً عليها، وله صوت قوي مرعب ويحمل الروع إلى سامعيه.

2/ حمزة بن علي الزوزني:

وهو المؤسس الفعلي لهذه العقيدة، ومنظّر هذا المذهب و المنشئ له.

ولد مساء الخميس 23/ 3/375 هـ، في مدينة " زوزن " في خراسان، ولعل هذا هو السبب في أن الدروز يقيمون صلاتهم الأسبوعية، أو خلوتهم على الأصح، مساء كل خميس كما سيأتي.

وقدم لمصر عند الحاكم عام 395 هـ وقيل بل 405 أو قبلها بقليل.

يقول محمد كامل حسين في كتابه: طائفة الدروز:

" أن حمزة كان عاملاً وخادماً خاصاً في قصر الحاكم، وكان ذا حيلة ودهاء، وخيال خصب وكان بحكم عمله في القصر يستمع إلى مجالس الحكمة التأويلية فوعاها وحفظها، وربما قرأ كتب الدعوة فأفادته في تكوين عقليته وتوجيه أفكاره.

وقال أيضاً:

والذي يؤكد ذلك: ركاكة ألفاظه وأسلوبه في رسائله، وهذا يبين أنه لم يكن من الكتاب. ا. هـ

وفي دار الحكمة وفي ذلك الجو المفعم بالمناقشات الفلسفية الباطنية مع شيء يوافق هوى النفس ارتسمت الخطوط الأولى للدعوة الدرزية وبحنكته ودهائه وخبثه استطاع أن يجمع حوله بعض الدعاة، ومنهم محمد بن إسماعيل الدرزي، واتفقوا سراً للدعوة إلى تأليه الحاكم، ورتبوا وأصلوا لهذه الدعوة، واتفقوا ألا يجهر أحد بها إلا بعد تلقي الأوامر من حمزة.

وبسبب الصراع الداخلي بين حمزة وبين محمد بن إسماعيل الدرزي على رئاسة المذهب، أعلن الدرزي أسرار المذهب ودعا الناس إليه عام 407 هـ، وفتح سجلاً في مساجد القاهرة يكتب فيه أسماء المستجيبين، فاكتتب من أهل القاهرة - كما يقول الزركلي في الأعلام، سبعة عشر ألفاً - كلهم يخشى بطش الحاكم.

وهذا الأمر أزعج حمزة وسارع بالكشف عن أسراره عام 408 هـ، حتى لا يسحب البساط من تحته وفي هاتين السنتين ثار أهل مصر - كما ذكرنا في آخر ترجمة الحاكم - على هؤلاء الزنادقة مما جعل محمد الدرزي يختفي في قصر الحاكم، ثم الهروب إلى وادي تيم في الشام (ويسمى الآن: الشوف) والذي يقطن فيه التنوخيون.

وكذلك حمزة هاجمه الناس بعد الجهر بتأليه الحاكم، ومن ذلك ما كان بمقر إقامته في مسجد " ريدان " بالقاهرة، وكان معه، كما يقول حمزة نفسه، اثنا عشر رجلاً فقط ولو لم يصدر أمر الحاكم بوقف القتال لقتل حمزة (انظر رسالة الغاية والنصيحة).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير