تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يُتِمَّ أمرَ رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يظهره على الدين كله، وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح.

وأنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه ظنُ غيرِ ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق.

فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار.

وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده.

فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء.

ولو فتشت من فتشت؛ لرأيت عنده تعنتًا على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك؛ هل أنت سالم؟.

فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة === وإلا فإني لا إخالك ناجيًا

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

وخلاصة ما ذكر ابن القيم في تفسير ظن السوء ثلاثة أمور:

الأول: أن يظن أن الله يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، فهذا هو ظن المشركين والمنافقين في سورة الفتح، قال تعالى: {بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدًا}.

الثاني: أن ينكر أن يكون ما جرى بقضاء الله وقدره؛ لأنه يتضمن أن يكون في ملكه سبحانه ما لا يريد، مع أن كل ما يكون في ملكه فهو بإرادته.

الثالث: أن ينكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، لأن هذا يتضمن أن تكون تقديراته لعبًا وسفهًا، ونحن نعلم علم اليقين أن الله لا يقدر شيئًا أو يشرعه إلا لحكمة، قد تكون معلومة لنا وقد تقصر عقولنا عن إدراكها، ولهذا يختلف الناس في علل الأحكام الشرعية اختلافًا كبيرًا بحسب ماعندهم من معرفة حكمة الله سبحانه وتعالى.

(ج2/ 389).

ـ[المسيطير]ــــــــ[25 - 07 - 10, 10:43 ص]ـ

بابٌ: ما جَاءَ في مُنْكِري القَدَر

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

قوله: " القدر ". هو تقدير الله عز وجل للكائنات، وهو سر مكتوم لا يعلمه إلا الله أو من شاء من خلقه.

قال بعض أهل العلم: القدر سر الله عز وجل في خلقه، ولا نعلمه إلا بعد وقوعه؛ سواء كان خيرًا أو شرًا.

والقدر يطلق على معنيين:

الأول: التقدير؛ أي: إرادة الله الشيء.

الثاني: المقدر؛ أي: ما قدره الله عز وجل.

والتقدير يكون مصاحبًا للفعل وسابقًا له، فالمصاحب للفعل هو الذي يكون به الفعل، والسابق هو الذي قدره الله عز وجل في الأزل، مثال ذلك:

خلقُ الجنين في بطن الأم فيه تقدير سابق علمي قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وفيه تقدير مقارن للخلق والتكوين، وهذا الذي يكون به الفعل، أي: تقدير الله لهذا الشيء عند خلقه.

(ج2/ 396)

---

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

والناس في القدر ثلاث طوائف:

الأولى: الجبرية الجهمية، أثبتوا قدر الله تعالى وغلوا في إثباته حتى سلبوا العبد اختياره وقدرته، وقالوا: ليس للعبد اختيار ولا قدرة في ما يفعله أو يتركه، فأكله وشربه ونومه ويقظته وطاعته ومعصيته كلها بغير اختيار منه ولا قدرة، ولا فرق بين أن ينزل من السطح عبر الدرج مختارًا وبين أن يلقى من السطح مكرهًا.

الطائفة الثانية: القدرية المعتزلة، أثبتوا للعبد اختيارا وقدرة في عمله وغلوا في ذلك حتى نفوا أن يكون لله تعالى في عمل العبد مشيئة أو خلق، ونفى غلاتهم علم الله به قبل وقوعه؛ فأكل العبد وشربه ونومه ويقظته وطاعته ومعصيته كلها واقعة باختياره التام وقدرته التامة وليس لله تعالى في ذلك مشيئة ولا خلق، بل ولا علم قبل وقوعه عند غلاتهم.

(وذكر الشيخ رحمه الله شبهاتهم ورد عليها)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير