تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحال الثانية: أن يصور صورة ليس لها جسم بل بالتلوين والتخطيط، فهذا محرم لعموم الحديث، ويدل عليه حديث النمرقة حيث أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فلما أراد أن يدخل رأى نمرقة فيها تصاوير، فوقف وتأثر، وعرفت الكراهة في وجهه، فقالت عائشة رضي الله عنها: ما أذنبت يا رسول الله؟ فقال: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، فالصور بالتلوين كالصور بالتجسيم، وقوله في " صحيح البخاري ": (إلا رقمًا في ثوب)، إن صحت الرواية هذه، فالمراد بالاستثناء ما يحل تصويره من الأشجار ونحوها.

الحال الثالثة: أن تلتقط الصور التقاطًا بأشعة معينة بدون أي تعديل أو تحسين من الملتقط، فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين. (وذكر الشيخ الخلاف والراجح).

الحال الرابعة: أن يكون التصوير لما لا روح فيه، وهذا على نوعين:

النوع الأول: أن يكون مما يصنعه الآدمي؛ فهذا لا بأس به بالاتفاق؛ لأنه إذا جاز الأصل جازت الصورة، مثل أن يصور الإنسان سيارته؛ فهذا يجوز، لأن صنع الأصل جائز، فالصورة التي هي فرع من باب أولى.

النوع الثاني: ما لا يصنعه الآدمي وإنما يخلقه الله، فهذا نوعان: نوع نام، ونوع غير نام:

- فغير النامي: كالجبال، والأودية، والبحار، والأنهار، فهذه لا بأس بتصويرها بالاتفاق.

- أما النوع الذي ينمو؛ فاختلف في ذلك أهل العلم، فجمهور أهل العلم على جواز تصويره لما سيأتي في الأحاديث.

(ج2/ 438 - 440)

---

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

وقوله: " أشد " مبتدأ، " والذين يضاهئون " خبره، ومعنى يضاهئون؛ أي: يشابهون.

" بخلق الله "، أي: بمخلوقات الله سبحانه وتعالى.

والذين يضاهئون بخلق الله هم المصورون، فهم يضاهئون بخلق الله سواء كانت هذا المضاهاة جسمية أو وصفية:

- فالجسمية: أن يصنع صورة بجسمها.

- والوصفية: أن يصنع صورة ملونة؛ لأن التلوين والتخطيط باليد وصف للخلق، وإن كان الإنسان ما خلق الورقة ولا صنعها لكن وضع فيها هذا التلوين الذين يكون وصفًا لخلق الله عز وجل.

(ج2/ 442)

---

المتن: ولمسلم عن أبي الهياج، قال: قال لي علي. (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أن لا تدع صورة، إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا، إلا سويته).

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

قوله: " ولا قبرًا مشرفًا ". أي: عاليًا.

قوله: " إلا سويته ". له معنيان:

الأول: أي سويته بما حوله من القبور.

الثاني: جعلته حسنًا على ما تقتضيه الشريعة، قال تعالى: {الذي خلق فسوى}، أي: سوّى خلقه أحسن ما يكون، وهذا أحسن، والمعنيان متقاربان.

والإشراف له وجوه:

الأول: أن يكون مشرفا بكبر الأعلام التي توضع عليه، وتسمي عند الناس (نصائل) أو (نصائب)، ونصائب أصح لغة من نصائل.

الثاني: أن يبني عليه، وهذا من كبائر الذنوب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن المتخذين عليها المساجد والسرج).

الثالث: أن تُشرف بالتلوين، وذلك بأن يوضع على أعلامها ألوان مزخرفة.

الرابع: أن يرفع تراب القبر عما حوله فيكون بينًا ظاهرًا.

فكل شيء مشرف، أي: ظاهر على غيره متميز عن غيره يجب أن يسوى بغيره، لئلا يؤدي ذلك إلى الغلو في القبور والشرك.

(ج2/ 448)

---

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

تؤخذ من حديث علي رضي الله عنه، وهو قوله: " أن لا تدع صورة إلا طمستها " أنه لا يجوز اقتناء الصور، وهذا محل تفصيل، فإن اقتناء الصور على أقسام:

القسم الأول: أن يقتنيها لتعظيم المصوَّر، لكونه ذا سلطان أو جاه أو علم أو عبادة أو أُبُوَّة أو نحو ذلك، فهذا حرام بلا شك، ولا تدخل الملائكة بيتًا فيه هذه الصورة، لأن تعظيم ذوي السلطة باقتناء صورهم ثلم في جانب الربوبية، وتعظيم ذوي العبادة باقتناء صورهم ثلم في جانب الألوهية.

القسم الثاني: اقتناء الصور للتمتع بالنظر إليها أو التلذذ بها، فهذا حرام أيضًا، لما فيه من الفتنة المؤدية إلى سفاسف الأخلاق.

القسم الثالث: أن يقتنيها للذكرى حنانًا أو تلطفًا، كالذين يصورون صغار أولادهم لتذكرهم حال الكبر، فهذا أيضًا حرام للحوق الوعيد به في قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الملائكة لا تدخل بيتًا في صورة).

القسم الرابع: أن يقتني الصور لا لرغبة فيها إطلاقًا، ولكنها تأتي تبعًا لغيرها، كالتي تكون في المجلات والصحف ولا يقصدها المقتني، وإنما يقصد ما في المجلات والصحف من الأخبار والبحوث العلمية ونحو ذلك، فالظاهر أن هذا لا بأس به، لأن الصور فيها غير مقصودة، لكن إن أمكن طمسها بلا حرج ولا مشقة، فهو أولى.

القسم الخامس: أن يقتني الصور على وجه تكون فيه مهانة ملقاة في الزبل، أو مفترشة، أو موطوءة؛ فهذا لا بأس به عند جمهور العلماء، وهل يلحق بذلك لباس ما فيه صورة لأن في ذلك امتهانًا للصورة ولا سيما إن كانت الملابس داخلية؟.

الجواب: نقول لا يحلق بذلك، بل لباس ما فيه الصور محرم على الصغار والكبار، ولا يلحق بالمفروش ونحوه؛ لظهور الفرق بينهما، وقد صرح الفقهاء رحمهم الله بتحريم لباس ما فيه صورة، سواء كان قميصًا أو سراويل أم عمامة أم غيرها.

وقد ظهر أخيرًا ما يسمي بالحفائظ، وهي خرقة تلف على الفرجين للأطفال والحائض لئلا يتسرب النجس إلى الجسم أو الملابس، فهل تلحق بما يلبس أو بما يمتهن؟.

هي إلى الثاني أقرب، لكن لما كان امتهانًا خفيًا وليس كالمفترش والموطوء صار استحباب التحرز منها أولى.

القسم السادس: أن يلجأ إلى اقتنائها إلجاءً، كالصور التي تكون في بطاقة إثبات الشخصية والشهادات والدراهم فلا إثم فيه لعدم إمكان التحرز منه، وقد قال الله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}.

(ج2/ 450)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير